دعـــوة الأم
( اياك أيتها الأم الفاضله أن تدعي على ابنك بسوء ساعة الغضب فلعلها تكون ساعة استجابه فيصيبه الضرر --- واياك أيها الفتى أن تعق أمك أو تخالف أمرها فيما شرع الله فربما تكون النتائج وبالا عليك )
كان الخشوع يستولي على كل حواسه – يمتلئ قلبه الكبير بالايمان والتقوى – يتمثل معاني التراتيل والآيات التي يرددها وهويصلي صلاته النافله - لايقطع خشوعه وتأملاته الا صوت أمه من أسفل الصومعة وهي تنادي --- جريج – جريج ؟؟؟ -- ترى ماذا تفعل يا جريج ؟؟ أمي أم صلاتي ؟؟؟ قال في نفسه - ان أمي تستطيع الانتظار أو المجئ في يوم آخر – أما صلاتي فلا تعوض --- اذن سأكمل صلاتي –
تكرر المشهد في اليوم التالي – يا أم جريج – ألا تأتين الا وأنا خاشع في الصلاه --- تعالي يوما آخر ؟ وهكذا اليوم الثالث --- لقد ضاق صدرك يا أم جريج – كيف لا يلبي ندائك هذا الذي تعبت في تربيته ؟ ؟ لقد فاض الكيل – لست سوى واحدة من بني البشر --- اذن أدعو الله يا جريج – ان يريك وجوه المومسات ؟؟؟؟؟ - قالتها والغضب يسيطر على كل حواسها - ألا تدرين يا أم جريج أن دعاء الأم لا يرد – ربما لو علمت ذلك لما ألقيت عليه بتلك الدعوه---
اليسوا بنوا اسرائيل الذي يملأ الحسد والحقد والغيرة قلوبهم ؟؟؟ لماذا يتفرد هذا الراهب العابد الزاهد – القابع في صومعته – لماذا يتميز عنهم بكل تلك الفضائل ؟؟؟؟
لا بد أن يفتنوه عن دينه وزهده ويعيدوه الى حظيرة الغي والضلال فيصبحوا في الضلال و الكفر سواء ؟؟؟
ارسلوا له تلك البغي – وأجزلوا لها العطاء ان استطاعت أن تفتنه عن دينه وتعيده الى حظيرة الضلال –
استعملت تلك البغي الحسناء كل أسلحتها وألاعيبها لتغويه ولكن أين لها ذلك وقد تحصن بالايمان والزهد والتقوى - لقد أشاح وجهه عنها – وغض بصره عن حسنها ودلالها ؟ ما قيمة متعة عابره يتبعها ندم وعذاب ؟؟؟ اذن فلتجرب حيلة أخرى لتنال الجائزه ؟؟ اليك أيتها البغي براعي الغنم الذي يرعى بالجوار و الذي يتمنى مجرد الحديث معك – أليس هو من هذه البيئة الفاسده الضاله ؟؟؟
حملت من هذا الراعي وانتظرت لتضع مولودها - ولما وضعته جاءت به الى قومها وهي تدعي بفخر أنها استطاعت اغواء هذا الراهب الذي تحصن بايمانه وتقواه – وها هو ولده أمامهم ؟؟؟ بينة لا يمكن دحضها – طفل بلحمه وعظمه --- كذب واقتراء ----
ها هي الفرصة قد سنحت – هجموا على الراهب بصومعته شتما وضربا وبالمعاول على صومعته هدما وتكسيرا حتى أصبحت أثرا بعد عين - جرجروه ومرروه أمام بيوت المومسات --- ها أنت يا جريج تضحك وأنت ترى وجوه المومسات رأي العين وتتذكر دعوة أمك – أليس هذا تحقيقا لدعائها الذي تجاهلت ندائها وفضلت صلاتك النافله على الاستجابة لها – ها أنت ترى وجوه المومسات كما دعت عليك ؟؟؟؟
هذا هو الدليل القاطع أمامك أيها الراهب المرائي المزيف لقد مثلت علينا دور العابد الزاهد المتمسك بالفضائل وها نحن نرى ثمرة غيك وضلالك وفجورك ؟؟؟؟ هكذا ألقوا عليه بالتهمه جزافا ---
أيها الناس دعوني اصلي ركعتين ---- هاتوا لي الصبي --- هذا ما قاله جريج --- وكز الصبي باصبعه على بطنه وسأله - من أبوك أيها الصبي ؟؟؟؟؟؟
أجاب الصبي وهو في المهد بلا تردد - : أبي راعي الغنم – لقد نطق الصبي بالحق وهو بالمهد كما نطق عيسى عليه السلام من قبل بالحق ----
أي ندم يفيد ايها القوم وأي عار وخزي جنيتموه وأنتم مخدوعون بألاعيب هذه البغي ؟؟؟؟--- قبلوه وتمسحوا به لعلكم تكفرون عما لحق به من أضرار واتهامات باطله وأعيدوا له بناء صومعتة من ذهب خالص ----
رفض جريج الذهب وطلب اعادة بناء الصومعة من الطين كما كانت -- لله أنت يا أم جريج – لقد سببت دعوتك كل تلك الأضرار والأحداث المؤسفه لتكون من بعدك درسا للأمهات --- وللأبناء درسا أعم وأشمل----
( نواف الحاج علي )
إرسال تعليق