التغير و التجديد و التجدد من سنة الحياة فأين عاد و ثمود و أين الرومان و أين الأمويون و العثمانيون ؟ و غيرهم من الأمم .
و لهذا ظهر فى الإسلام الكثير من العلماء و الفلاسفة و الفقهاء من وضع
أفكار و مناهج جديدة و منهم على سبيل المثال لا الحصر ابن حزم الأندلسي(994
- 1064 م ) و أبو حامد الغزالي (1058 - 1111م ) و ابن رشد( 1126-1198م) و
ابن تيمية ( 1263-1328م) و محمد عبده (1849 - 1905 م ) و كل منهم وضع فكرا و
حلولا جديدة . لكن قبل أن تقرأ فكرهم عليك أولا أن تعرف الظروف السياسية و
الاجتماعية التي ظهروا فيها كي تستطيع أن تستوعب ما قالوا، و لكى تعرف كيف
تأخذ من أفكارهم ما هو ثمين و تترك ما هو لا يناسب زماننا .
فابن حزم
الأندلسى مثلا عاصر فترة ملوك الطوائف فى الأندلس بعد سقوط الخلافة الأموية
و تقسيم الأندلس إلى اثنتين و عشرين إمارة متحاربة متنافسة .
أما
الغزالي الذى بدأ بدراسة العلوم الشرعية و منها اتجه إلى العلوم الفلسفية
حتى استقر على الطريقة الصوفية فكان معاصر لزمن الحروب الصليبية و وجد
الناس يبكون على ما يفعله الصليبيون بالعرب غير أن التجار العرب كانوا
يبيعون السلاح للصليبيين برغم بكائهم فصنف كتاب إحياء علوم الدين يحاول فى
هذا الكتاب أن يجعل من تأدية العبادات ما يمس القلب و الروح لا أن تكون
العبادات مجرد حركات لا تأثيرلها فى البشر .
أما ابن تيمية فقد ظهر زمن
الحروب بين المماليك و المغول ، لكن المغول فى زمنه كانوا قد اعتنقوا
الإسلام فكانت الإشكالية ،لأن المغول كانوا مسلمين غير أنهم ظلوا فى
افسادهم ففضل ابن تيمية المماليك عليهم .
أما ابن رشد فقد ظهر فى زمن
انحصار الدولة العربية الإسلامية فى الأندلس فاتجه إلى المذهب العقلى
الفلسفى فشرح فلسفة أرسطو كي ينير للناس عقولهم .
أما محمد عبده فقد
ذاع صيته فى عصر الاستعمار فكانت مصر محتلة من انجلترا، و تونس و الجزائر
من فرنسا و العثمانيون فى انحدار و سقوط ، فدعا إلى تجديد الشريعة و العودة
إلى المنبع الأول و كسر جمود العقل بتدبر القرآن الكريم و فهم اللغة
العربية و محاولة استخراج سنن الله فى الكون من القرآن الكريم .
إذا بدون معرفة التاريخ لن يتثنى لك فهم مناهج المفكرين فهما صحيحا .
و نهاية هذه المقالة أذكر لكم نص لابن حزم يلخص منهجه فى الإصلاح يقول ابن
حزم (و اعلم أن الوقوف على الحقائق لا يكون إلا بشدة البحث ، و شدة البحث
لا تكون إلا بكثرة المطالعة لجميع الآراء و الأقوال و بالنظر فى طبائع
الأشياء ، و سماع حجة كل محتج و النظر فيها ،و معرفة الديانات و النحل و
المذاهب و اختلاف الناس ، و قراءة كتبهم ، فمن ذم من الجهال الاطلاع على
ديانات الآخرين فقد خالف ربه تعالى ، فقد أعلمنا عز و جل فى كتابه المنزل
أقوال المخالفين من أهل الجحد ، القائلين بأن العالم قديم و من أهل
المثنوية ، و من أهل التثليث و الملحدين ، ليرينا تعالي تناقضهم و فساد
أقوالهم .
و يقول أيضا : و لابد لطالب الحقائق من الاطلاع على القرآن و
معانيه ، و رواية ألفاظه و أحكامه ، و حديث النبي صلي الله عليه و سلم و
سيرته الجامعة . و لا بد مع ذلك من مطالعة الأخبار القديمة و الحديثة و
الوقوف على اللغة التى نقرأ الكتب بها ، و لا بد له من مطالعة النحو و
يكفيه منه ما يصل به إلى اختلاف المعاني باختلاف الحركات فى الألفاظ و
مواضع الاعراب منها . و أما ما عدا النحو فليستكثر منه ما أمكنه )
أعتقد أن ما ذكرته لابن حزم فيه ما ينفعنا فى زماننا ، و أتمنى من الجميع
اعمال العقل لكن بحكمة و تروي و معرفة كى تنهض أمتنا العربية سريعا و تفيق
من غفلتها
إرسال تعليق