*معضلة أنا و الآخر* بقلم الأديبة حسيبة طاهر

*معضلة أنا و الآخر* بقلم الأديبة حسيبة طاهر كندا

لطالما قلنا كثرت البلبلة بلا فائدة ... لطالما قلنا نريد حلا كفانا جلدا لأنفسنا .
أين يكمن الحل سادتي ؟؟
لكن فليقل أحدكم : قبل الحل أين الخلل ؟؟
سأجيب بالمنطق و الموضوعية :
على هذه الأرض لا يوجد فقط أنا , بل هناك/ شئت أم أبيت / أنا آخر و مجبر أنا لابطل على تقبله بلا شروط مسبقة , وإلا وضع لي شروطا أيضا... وهنا يحدث تصادم وتعصب وسنجنح للقوة والطبيعة ستنتقي دوما الأقوى , الآخر لم ولن يكون ورقة وأنا القلم... هو مثلي بشر كيان قائم بذاته حاضر بثقله بذاكرته الجمعية و متاعه السيسوآنثروبولوجي والميثيولوجي و إرثه الحضاري والتاريخي و الذي يقدسه كما أفعل أنا ... الآخر ليس شكلا هلاميا
/ De la glue / أشكله بين أصابعي كما شئت وأقولبه حسب قوالبي ... لن يقبل الآخر أن أجرده من ملابسه وألبسه عباءتي بحد السيف ...
من الذي يسعى للفناء إذن ؟؟ هو من يريد وضع العالم كله تحت خفه... بأي منطق ؟؟ فقط لاعتقاده أنه على صواب والكل على خطأ ...
لن يتغير هذا الوضع وهناك من يعتقد أنه * خير أمة أخرجت للناس * هذه الفكرة لا تختلف عن نظرية * لومبروزو * فأنا صالح بالفطرة والآخر فاسد بالفطرة ، لن يحترمني الآخر مادمت أنظر إليه باحتقار , أتعالى عليه ... فأنا أملك الحقيقة المطلقة , أنا وصي على البشرية ومكلف بتغييرها ولو بحد السيف ... أنا حين أهجم على الآخر أسمي ذلك فتحا مبينا ليس استعمارا وغزوا , وعندما أخطف نساءه أسمي ذلك سبيا وملكة يمين ,ليس اغتصابا و زنى ... وعندما أسرق أمواله وممتلكاته أسمي ذلك غنائم وجزية , و عندما أنشر ثقافتي أسمي ذلك دعوى ...طقوسي معجزات وإن كانت غير منطقية , أقدسها وأحترمها ولكل طقس مناسبة ... طقوسه أساطير وخرافات وخزعبلات لا يجب عليه تقديسها, بل من حقي وواجبي إقافه فأنا الشرطي الكوني المكلف من السماء وشتان بين الأرض و السماء... أنا لست مذنبا , أنا رضعت هذه الأفكار العنصرية الخطيرة مع لبن أمي فهل بمقدور الإنسان نبذ أمه ؟؟ هذه الأفكار رسخت في عقلي الباطن وللأسف لم يخترع * غريمي * بعد أشعة تكشف أغوار العقل الباطن ... كل هذه الأفكار تخلق عندي نرجسية عرق-دينية , والنرجسية تولد البرانويا, فيصبح الآخر في تصوري مشروع عدو يتربص بي / سوء النوايا / يجب أن أُعّد له ماستطعت من قوة لأرهبه * إرهاب * و أباغته , لكن خانتني بداهتي التي اشتهرت بها ... فالآخر لا ينام دا خل كهف , بل قد ترجمني وقرأني وطبق علي اختبارات نفسية اكلينيكية و فقه كنهي ، فأعد لي ما استطاع من صواريخ عابرة للقارات ,وطائرات بدون طيار وقنابل هيدروجينية.... فأصبح بإمكانه نسفي بكبسة زر فإن قال لي * لاتكن لن أكون * .
فكفانا عجرفة و استعلاء على الخلق.. فمن يريد التغيير فليراجع أخطاءه قبل أن يلوم الآخر ، فليفتح دفاتره المطوية و يقرأها بعيدا عن العاطفة ... فليحاسب نفسه قبل أن يبرر لها... فلنسمي الأفعال بمسمياتها , لأنه لاأهمية للإسم المهم النتيجة, الظلم ظلم والشر شر وإن غيرت الاسطلاح ...كفانا تلاعبا باللغة وتشويها وإفراغا لها من مضامينها ... إحترمْ تُحترمْ سَالمْ تَسلم ....