عشت
ــ ايها السادة الكرام ــ في قرية من قرى الريف الفلسطيني المليء بخيرات
الارض , فالمأكل متوفر للجميع مما تنبت الارض , ومن المواشي والطيور التي
يربونها في بيوتهم . في القرية لا بطالة ولا مكان للكسل , الكل يسعى لتوفير
مونة العائلة , كالزيت والزيتون والزعتر والقمح ومنتجات الالبان والبيض ,
واما الخضار فما عرفت انها تباع الا عندما كنا نذهب الى سوق المدينة , يكفي
ان يصل الى اقرب بستان ليأخذ حاجته منها ومن الفواكه المتوفرة , وما فوق
ذلك يعد رفاهية . فالفلاح طموحاته متواضعة بسيطة كحياته , ولا فوارق كبيرة
بين الاغنياء والفقراء , من لا يملك يساعد من يملك في موسم القطاف , على
نسبة متفق عليها , وهو لا يفهم لغة تكديس الاموال , او احتكار السلع لرفع
ثمنها . لذلك فانا صادق ان قلت انني ما رأيت متسولا واحدا يجوب طرقات
القرية او يقف على باب مسجد .
كبرنا وكبرت همومنا , واكتشفنا ان الحياة اكبر من القرية , وان هناك في المدن مجتمعات تعيش بطريقة يتغول فيها الغني على الفقير , ويسرق لقمة عيشه ولا يهتم لجوعه او مرضه , فبدأت ارى اناسا يتسولون لقمة يومهم , على ابواب المساجد واماكن الزحام او الاشارات الضوئية , ثم شيئا فشيئا اخذت الظاهرة تتفشى والأساليب تتطور , حتى اصبحت ظاهرة خطيرة تهدد كيانات المجتمعات العربية الغارقة اصلا في مشاكلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية , خاصة مع انتشار الفتن والحروب . اتخذها الكثيرون مهنة لها اساليب وفنون وعلم يدرس في اوكار خاصة بعصابات منظمة . ومع انتشار هذه الظاهرة , وعجز المسؤولين في بلاد بني عرب السعيدة عن القضاء عليها , فالسؤال الذي يطرح نفسه : هل التسول حاجة ام ظاهرة ام مهنة ؟ وما مسببات تفشي هذه الظاهرة , ووهل الجهود المبذولة لمكافحتها كافية ؟ وما الحلول المناسبة للحد منها ؟ تعالوا تكشف المستور ولا ندفن رؤوسنا في الرمال فنقول بعد الصلاة على الرسول .
تكشف الدراسات التي اجريت في كثير من البلدان العربية ؛ كالأردن والسعودية ومصر والمغرب العربي عن ارقام مخيفة لجيش من المتسولين , يجوبون الشوارع والاماكن العامة , واما كن تواجد السياح خاصة , في منظر يسيء لسمعتنا في الخارج , وطبعا لكل بلد من هذه البلدان مسبباتها .
في الاردن يعزى السبب الى تغول الاغنياء على اقوات الفقراء , واستخدام اساليب الغش والاحتكار , وافتعال الازمات دون رادع من الحكومة , اضافة الى البطالة المتفشية , وعجز الموازنات بسبب سياسات اقتصادية خاطئة , ادت الى رفع الدعم عن قوت الفقراء , وغياب التامين الصحي والكلفة الكبيرة للعلاج , اضافة الى الهجرات المتعاقبة بسبب الحروب المحيطة , مما رفع تكاليف المعيشة واجور السكن , رغم ان الرواتب لم ترتفع بنفس النسب , بل ان القطاع الخاص وجد في الايدي العاملة الوافدة رخيصة الاجور ما يعوضه عن العامل الاردني , مما ضاعف اعداد العاطلين عن العمل . وساهم في تفشي هذه الظاهرة . وتشير إحصائيات رسمية إلى أن 75 في المائة من المتسوّلين الذين تم ضبطهم منذ مطلع العام الجاري وحتى شهر سبتمبر/أيلول الماضي 1896 متسولاً ومتسولة، بينهم 1412 بالغاً ، يبلغ عدد الذكور من بينهم 625، وعدد الإناث 787. وكشفت الاحصائيات ان بعضهم امتهنها مستغلا عطف الناس وشفقتهم فكنز الكنوز, وركب السيارات الفارهة وسكن البيوت الفخمة , وملك عقارات وسيارات اجرة , واموال مدخره في البنوك , وليس اخرها احدى المتسولات التي وجد عند وفاتها انها تملك ست شقق مؤجره , واموال في البنك وسيارات تكسي تعمل لحسابها .
في السعودية كشفت دراسة علمية حديثة أن ظاهرة التسول في المملكة العربية السعودية تشهد ارتفاعاً مضطرداً خلال السنوات الأخيرة ، يرجع ذلك إلى تزايد المتسللين عبر الحدود ، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة ، وأشارت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، انه تم تسجيل 41ألف متسول احتل الأطفال العدد الأكبر بمجموع 21الفا , والمسنين ويبلغ عددهم 11الفا , و6320 امراة و 1140 شاب بين 30و 40 عاما و ان اغلبهم ويتواجدون في مكة والمدينة وجدة والرياض .
في مصر كشفت الاحصائيات ان حوالي مليون ونصف قاصر وقعوا فريسة عصابات منظمة تستغلهم في التسول وترويج المخدرات وللرذيلة , و اشارت الدراسة الى أن حوالي 45 % من الاطفال المتسولين يقوم الاهالي بتسليمهم لأباطرة التسول في مصر , من عمر شهرين الى 5 سنوات مقابل 50 جنيها فى اليوم الواحد، ومن 5 إلى 10 سنوات 30 جنيها ، أما الطفل المعاق يصل إلى 75 جنيها فى اليوم ، والطفل المكفوف أو الأصم أو مقطوع اليد أو القدم 100 جنيه . وكشفت الدراسة أن حوالي 50 % من المتسولين المعاقين يتم احداث عاهات مصطنعة ، لاستدرار عطف المواطنين ، كوضع جبيرة على القدم أو الجلوس على كرسى متحرك وهو لا يعانى إصابة فى قدميه، أو بوضع قطن على رأسه ليوهم المارة بأنه مصاب بسرطان فى المخ ، وغيرها من الحيل.
اما في المغرب العربي فالظاهرة ايضا متفشية نتيجة السياسات الاقتصادية لهذه الدول , رغم ان بلدا مثل الجزائر هي من البلدان البترولية , ولكن الحروب الداخلية والسياسات الخاطئة , والاهتمام بالكراسي اكثر من اهتمامهم بالبشر انتجت هذه الظاهرة.
اما عن اساليب وفنون التسول فقديما كان المتسول او المتسولة يقف في الشارع العام او امام المساجد والاشارات الضوئية مادا يده بلغة خجلة ضعيفة منكسرة (لله يا محسنين ) . ولعل اكثر المشاهد التقليدية ظاهرة الاطفال الذين تركو مدارسهم ليجوبوا الشوارع , ويعرضوا انفسهم للخطر بغية البحث عن قوت يومهم ، فمنهم من يبيع “العلكة” او سلع اخرى على الاشارات الضوئية ( التسول المقنع ) ، ومنهم يقوم بمسح زجاج السيارات مقابل مبلغ زهيد ، ومنهم من يصطف امام المساجد طالباً العون من الناس ، وهناك نساء يصطحبن عددا من الاطفال لا يعرفون الماء الا للشرب , في مشهد يدر الشفقة , وقد بينت الحملات المتعاقبة على المتسولين انه ليس بالضرورة ان يكون الاطفال هم ابناء المرأة فقد تستأجرهم . على ان الظاهرة الاكثر خطورة هي استغلال بعض النسوة خاصة تعاطف الناس مع الماسي التي تحصل لدول الجوار , فتيات في عمر الزهور يطرقن الابواب بحجة الحاجة لمن يدفع عن عائلتها اجرة البيت , او فاتورة الدواء او الكهرباء . مسببات ازعاجا وارباكا لربات البيوت , وهناك قصص كثيرة حذرت منها وزارة الداخلية من ان بعض النسوة يستغللن انشغال ربة البيت ويقمن بسرقة ما خف حمله وغلا ثمنه , وقد يقمن بتخدير ربة البيت وسرقة كل شيء .
تطورت الظاهرة وتفنن المتسولون في تطوير اساليب المهنة وغدا هناك اكاديميات وعصابات منظمة ولعل في فلم (المتسول) لعادل امام يلقي الضوء على هذه العصابات , فهناك عاهات مصطنعة يرسمها خبراء الماكياج على وجوه المتسولين بطريقة تستدر عطف وشفقة الناس .
رجل يدخل المسجد للصلاة , وبعد الانتهاء يلقي خطبة عصماء يظهر حاجته وانه اب لعشرة فتيات غير متزوجات وهو مريض ويحضر لك تقريرا بختم غير واضح يستدر عطف وشفقة المصلين ويستدر دموع اصحاب القلوب المرهفة .
شاب انيق يتوسم فيك الخير فيستوقفك ويشرح لك قصته , وانه يريد السفر الى البلد الفلانية لكن محفظة نقوده سرقت , يريد فقط ثمن التذكرة , لتعود لنفس المكان بعد فترة فتجده وبنفس الاسلوب حتى ما عاد المواطن العادي يعرف من المستحق من غير المستحق .
يستغل كثير من الناس الكوارث ليجمعوا من الناس التبرعات لصالح البلاد المنكوبة وفي اغلب الاحيان تكون وهمية لا تصل الى مستحقيها حتى اصبحنا نعاني من ازمة الثقة .
ولعل اغرب وسيلة ابتكرها احدهم : عجوز مغطاة الراس تجلس من الصباح الباكر في احد الاحياء الراقية تضع امامها وعاءً يضع به المارة ما يخرج من انفسهم بعد فترة لا احظ احد السكان القريبين من مكانها انها لا تتحرك طوال اليوم ولا تغير جلستها فقرر ان يراقبها ليجد انه في ساعة متأخرة وقفت سيارة فارهة بجوارها نزل منها شاب انيق اخذ النقود ثم رفع الغطاء فاذا هي دمية وضعها في السيارة وانصرف .
هذا غيض من فيض . سؤال بريء ــ ايها السادة الكرام ــ هل فعلا ان الحكومات غير قادرة على مكافحة هذه الظاهرة , الحكومات التي تعدّ على المواطنين انفاسهم , أليست قادرة على مكافحة مثل هذه الظاهرة , الا تستطيع تجفيف منابع التسول ، وذلك بتوفير فرص عمل للقادرين منهم ، وايصال المساعدات المالية لمستحقيها عبر الجمعيات الأهلية وأجهزة الدولة المختلفة , وأن تجبر المؤسسات والشركات الكبرى التي تكرش اصحابها من جيوب الغلابا والمساكين , تجبرهم على دفع نسبة من ارباحهم لصالح غير القادرين على العمل , وتكفل علاج المرضى , وتأهيل المتسولين بإعداد وتنفيذ برامج مناسبة لتعليمهم حرف يدوية مناسبة لقدراتهم ، أو مساعداتهم لعمل مشاريع تجارية صغيرة , ومتابعتهم بعد ذلك , ثم تغليظ عقوبات من يتكرر القبض عليهم .
وبعد ــ ايها السادة الافاضل ــ فهؤلاء اناس من ابناء الوطن , يعيشون بيننا , سلبت منهم الكرامة ونزعت عنهم صفة الادمية , وقد ينخرطون في سوق الرذيلة , وخاصة الفتيات والاطفال , الا نستطيع استيعابهم ليكونوا اعضاء فاعلين , لو تضافرت الجهود وصدقت النوايا . طبتم وطابت اوقاتكم
كبرنا وكبرت همومنا , واكتشفنا ان الحياة اكبر من القرية , وان هناك في المدن مجتمعات تعيش بطريقة يتغول فيها الغني على الفقير , ويسرق لقمة عيشه ولا يهتم لجوعه او مرضه , فبدأت ارى اناسا يتسولون لقمة يومهم , على ابواب المساجد واماكن الزحام او الاشارات الضوئية , ثم شيئا فشيئا اخذت الظاهرة تتفشى والأساليب تتطور , حتى اصبحت ظاهرة خطيرة تهدد كيانات المجتمعات العربية الغارقة اصلا في مشاكلها السياسية والاجتماعية والاقتصادية , خاصة مع انتشار الفتن والحروب . اتخذها الكثيرون مهنة لها اساليب وفنون وعلم يدرس في اوكار خاصة بعصابات منظمة . ومع انتشار هذه الظاهرة , وعجز المسؤولين في بلاد بني عرب السعيدة عن القضاء عليها , فالسؤال الذي يطرح نفسه : هل التسول حاجة ام ظاهرة ام مهنة ؟ وما مسببات تفشي هذه الظاهرة , ووهل الجهود المبذولة لمكافحتها كافية ؟ وما الحلول المناسبة للحد منها ؟ تعالوا تكشف المستور ولا ندفن رؤوسنا في الرمال فنقول بعد الصلاة على الرسول .
تكشف الدراسات التي اجريت في كثير من البلدان العربية ؛ كالأردن والسعودية ومصر والمغرب العربي عن ارقام مخيفة لجيش من المتسولين , يجوبون الشوارع والاماكن العامة , واما كن تواجد السياح خاصة , في منظر يسيء لسمعتنا في الخارج , وطبعا لكل بلد من هذه البلدان مسبباتها .
في الاردن يعزى السبب الى تغول الاغنياء على اقوات الفقراء , واستخدام اساليب الغش والاحتكار , وافتعال الازمات دون رادع من الحكومة , اضافة الى البطالة المتفشية , وعجز الموازنات بسبب سياسات اقتصادية خاطئة , ادت الى رفع الدعم عن قوت الفقراء , وغياب التامين الصحي والكلفة الكبيرة للعلاج , اضافة الى الهجرات المتعاقبة بسبب الحروب المحيطة , مما رفع تكاليف المعيشة واجور السكن , رغم ان الرواتب لم ترتفع بنفس النسب , بل ان القطاع الخاص وجد في الايدي العاملة الوافدة رخيصة الاجور ما يعوضه عن العامل الاردني , مما ضاعف اعداد العاطلين عن العمل . وساهم في تفشي هذه الظاهرة . وتشير إحصائيات رسمية إلى أن 75 في المائة من المتسوّلين الذين تم ضبطهم منذ مطلع العام الجاري وحتى شهر سبتمبر/أيلول الماضي 1896 متسولاً ومتسولة، بينهم 1412 بالغاً ، يبلغ عدد الذكور من بينهم 625، وعدد الإناث 787. وكشفت الاحصائيات ان بعضهم امتهنها مستغلا عطف الناس وشفقتهم فكنز الكنوز, وركب السيارات الفارهة وسكن البيوت الفخمة , وملك عقارات وسيارات اجرة , واموال مدخره في البنوك , وليس اخرها احدى المتسولات التي وجد عند وفاتها انها تملك ست شقق مؤجره , واموال في البنك وسيارات تكسي تعمل لحسابها .
في السعودية كشفت دراسة علمية حديثة أن ظاهرة التسول في المملكة العربية السعودية تشهد ارتفاعاً مضطرداً خلال السنوات الأخيرة ، يرجع ذلك إلى تزايد المتسللين عبر الحدود ، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة ، وأشارت الدراسة التي أجراها فريق بحثي من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، انه تم تسجيل 41ألف متسول احتل الأطفال العدد الأكبر بمجموع 21الفا , والمسنين ويبلغ عددهم 11الفا , و6320 امراة و 1140 شاب بين 30و 40 عاما و ان اغلبهم ويتواجدون في مكة والمدينة وجدة والرياض .
في مصر كشفت الاحصائيات ان حوالي مليون ونصف قاصر وقعوا فريسة عصابات منظمة تستغلهم في التسول وترويج المخدرات وللرذيلة , و اشارت الدراسة الى أن حوالي 45 % من الاطفال المتسولين يقوم الاهالي بتسليمهم لأباطرة التسول في مصر , من عمر شهرين الى 5 سنوات مقابل 50 جنيها فى اليوم الواحد، ومن 5 إلى 10 سنوات 30 جنيها ، أما الطفل المعاق يصل إلى 75 جنيها فى اليوم ، والطفل المكفوف أو الأصم أو مقطوع اليد أو القدم 100 جنيه . وكشفت الدراسة أن حوالي 50 % من المتسولين المعاقين يتم احداث عاهات مصطنعة ، لاستدرار عطف المواطنين ، كوضع جبيرة على القدم أو الجلوس على كرسى متحرك وهو لا يعانى إصابة فى قدميه، أو بوضع قطن على رأسه ليوهم المارة بأنه مصاب بسرطان فى المخ ، وغيرها من الحيل.
اما في المغرب العربي فالظاهرة ايضا متفشية نتيجة السياسات الاقتصادية لهذه الدول , رغم ان بلدا مثل الجزائر هي من البلدان البترولية , ولكن الحروب الداخلية والسياسات الخاطئة , والاهتمام بالكراسي اكثر من اهتمامهم بالبشر انتجت هذه الظاهرة.
اما عن اساليب وفنون التسول فقديما كان المتسول او المتسولة يقف في الشارع العام او امام المساجد والاشارات الضوئية مادا يده بلغة خجلة ضعيفة منكسرة (لله يا محسنين ) . ولعل اكثر المشاهد التقليدية ظاهرة الاطفال الذين تركو مدارسهم ليجوبوا الشوارع , ويعرضوا انفسهم للخطر بغية البحث عن قوت يومهم ، فمنهم من يبيع “العلكة” او سلع اخرى على الاشارات الضوئية ( التسول المقنع ) ، ومنهم يقوم بمسح زجاج السيارات مقابل مبلغ زهيد ، ومنهم من يصطف امام المساجد طالباً العون من الناس ، وهناك نساء يصطحبن عددا من الاطفال لا يعرفون الماء الا للشرب , في مشهد يدر الشفقة , وقد بينت الحملات المتعاقبة على المتسولين انه ليس بالضرورة ان يكون الاطفال هم ابناء المرأة فقد تستأجرهم . على ان الظاهرة الاكثر خطورة هي استغلال بعض النسوة خاصة تعاطف الناس مع الماسي التي تحصل لدول الجوار , فتيات في عمر الزهور يطرقن الابواب بحجة الحاجة لمن يدفع عن عائلتها اجرة البيت , او فاتورة الدواء او الكهرباء . مسببات ازعاجا وارباكا لربات البيوت , وهناك قصص كثيرة حذرت منها وزارة الداخلية من ان بعض النسوة يستغللن انشغال ربة البيت ويقمن بسرقة ما خف حمله وغلا ثمنه , وقد يقمن بتخدير ربة البيت وسرقة كل شيء .
تطورت الظاهرة وتفنن المتسولون في تطوير اساليب المهنة وغدا هناك اكاديميات وعصابات منظمة ولعل في فلم (المتسول) لعادل امام يلقي الضوء على هذه العصابات , فهناك عاهات مصطنعة يرسمها خبراء الماكياج على وجوه المتسولين بطريقة تستدر عطف وشفقة الناس .
رجل يدخل المسجد للصلاة , وبعد الانتهاء يلقي خطبة عصماء يظهر حاجته وانه اب لعشرة فتيات غير متزوجات وهو مريض ويحضر لك تقريرا بختم غير واضح يستدر عطف وشفقة المصلين ويستدر دموع اصحاب القلوب المرهفة .
شاب انيق يتوسم فيك الخير فيستوقفك ويشرح لك قصته , وانه يريد السفر الى البلد الفلانية لكن محفظة نقوده سرقت , يريد فقط ثمن التذكرة , لتعود لنفس المكان بعد فترة فتجده وبنفس الاسلوب حتى ما عاد المواطن العادي يعرف من المستحق من غير المستحق .
يستغل كثير من الناس الكوارث ليجمعوا من الناس التبرعات لصالح البلاد المنكوبة وفي اغلب الاحيان تكون وهمية لا تصل الى مستحقيها حتى اصبحنا نعاني من ازمة الثقة .
ولعل اغرب وسيلة ابتكرها احدهم : عجوز مغطاة الراس تجلس من الصباح الباكر في احد الاحياء الراقية تضع امامها وعاءً يضع به المارة ما يخرج من انفسهم بعد فترة لا احظ احد السكان القريبين من مكانها انها لا تتحرك طوال اليوم ولا تغير جلستها فقرر ان يراقبها ليجد انه في ساعة متأخرة وقفت سيارة فارهة بجوارها نزل منها شاب انيق اخذ النقود ثم رفع الغطاء فاذا هي دمية وضعها في السيارة وانصرف .
هذا غيض من فيض . سؤال بريء ــ ايها السادة الكرام ــ هل فعلا ان الحكومات غير قادرة على مكافحة هذه الظاهرة , الحكومات التي تعدّ على المواطنين انفاسهم , أليست قادرة على مكافحة مثل هذه الظاهرة , الا تستطيع تجفيف منابع التسول ، وذلك بتوفير فرص عمل للقادرين منهم ، وايصال المساعدات المالية لمستحقيها عبر الجمعيات الأهلية وأجهزة الدولة المختلفة , وأن تجبر المؤسسات والشركات الكبرى التي تكرش اصحابها من جيوب الغلابا والمساكين , تجبرهم على دفع نسبة من ارباحهم لصالح غير القادرين على العمل , وتكفل علاج المرضى , وتأهيل المتسولين بإعداد وتنفيذ برامج مناسبة لتعليمهم حرف يدوية مناسبة لقدراتهم ، أو مساعداتهم لعمل مشاريع تجارية صغيرة , ومتابعتهم بعد ذلك , ثم تغليظ عقوبات من يتكرر القبض عليهم .
وبعد ــ ايها السادة الافاضل ــ فهؤلاء اناس من ابناء الوطن , يعيشون بيننا , سلبت منهم الكرامة ونزعت عنهم صفة الادمية , وقد ينخرطون في سوق الرذيلة , وخاصة الفتيات والاطفال , الا نستطيع استيعابهم ليكونوا اعضاء فاعلين , لو تضافرت الجهود وصدقت النوايا . طبتم وطابت اوقاتكم
إرسال تعليق