أيها الإنسان تفاءل
إذا استسلمت لليأس وشعرت بالإحباط واعتقدت أنها نهايتك وأنه لا مخرج
لك من الأزمة ولافرج لك من الشدة ،فقد كتبت شهادة وفاتك بيدك ، وحكمت
على نفسك بالإعدام ، وخالفت نصوص الوحى وقانون الحياة ، كيف يخاف طفل
لديه أب ، وأعظم منه عبد لديه رب .
كان رسولنا صلى الله عليه وسلم يحب الفأل ويكره التشاؤم ودائما وهو فى قمة
المعاناة وفى ذروة الأزمة يبشر أصحابه بالفتح والنصر والفرج والمستقبل
المشرق ، لقدحوصر فى مكة أشد الحصار ، ورمى هو وأصحابه بالأحجار
وأكلوا ورق الشجر من الجوع ، فلما أتوه الصحابة يشكون الكرب ، قال لهم
(( والله ليتمن الله هذا الأمر )) ، ويحاصر صلى الله عليه وسلم فى الخندق
من الأحزاب ، وتتكالب عليه الدنيا ، وتضيق الأرض بما رحبت بالصاحبة ، وتبلغ
القلوب الحناجر من شدة الكرب، ويربط صلى الله عليه وسلم حجرين على بطنه
من الجوع ، ويأتى يحفر الخندق ، ثم يقول وكله أمل وثقة بربه وتوكل على مولاه
تعالى : "أريت قصور كسرى وقيصر ، وسوف يفتحها الله على " أيها المؤمنون
ارفعوا أبصاركم إلى آفاق الله الواسعة ، فأنوار فجر الفرج قادمة ، وغيث الرحمة
وشيك ، كيف تحزن وأنت تسجد كل يوم عشرات المرات لرب الأرض والسموات؟
كيف تحزن والدود فى الطين يثق برعاية رب العالمين ؟ كيف تقلق والطائر
الصغير الضعيف يغدو طاوى البطن ويعود الى عشه شبعان ريان ؟ سيجعل
الله بعد عسر يسرا ، احذر أن تعتقد أنه لا حل لأزمتك ، وأنك قد فشلت فى
الحياة ، احذر أن يستولى عليك الإحباط ، فتصبح صفرآ فى الحياة لا وزن لك
ولا قيمة ،اصبر وقاوم وتحمل واستمر والله معك ، والضربة التى لاتميتك تقويك
الحياة كالسوق : خسارة وربح ، وبيع وشراء ، وحلو ومر ، والحياة تسلم قيادها
للشجعان الصابرين الأقوياء والله يحب المؤمن القوى الصابر المثابر المجتهد ،
وما جلس على النجوم من جلس إلا لأنهم صبروا على الجراح والكفاح ، وتلقوا
الضربات ، وذاقوا الويلات ، وخاضوا الأزمات ، ثم خرجوا سالمين ، كما قال تعالى
(( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو
فضل عظيم ))
عفاف على
إرسال تعليق