السلام عليكم ورحمة الله وبركاتــه
__________________________
من أفضل ألوان وصنوف الأدب اللون الباسم الذي يتضمن أخبار السلف الضاحكه ، وطرائفهم الممتعه ، ونوادرهم الشائقه .
ومنه ما يهدف للإستمتاع والإضحاك ، ومنه ما يجمع إلى جانب الإبتسامه متعة الفائده الأدبيه والتاريخيه والثقافيه في الوقت
نفسه . حيث أن الترويح عن النفس يعتبر من ضروريات الحياة ، وخاصه
في هذه الأيام المثقله بالهموم والمشاغل والمتاعب .
كما أن الإنسان يتجدد نشاطه بالضحك والفكاهه .
لذلك فقد حرصنا في حلقات هذا البرنامج أن نجعلها تسلية وتثقيف وتروّيح
عن النفس . ونأمل أن تحظى نوادرنا وطرائفنا بإعجابكم الكريم ؛ والله الموفق .
ومعكم الأن أولى طرائف حلقتنا :
..............................................
من أجمل ما قيل من نوادر ابي نواس وهو ( الحسن بن هانيء )
بينما كان أمير المؤمنين هارون الرشيد في مجلسه ؛ وعن يمينه ويساره الوزراء
والعظماء من أهل مملكته وأصحاب الرأي عنده ، دخل عليه حاجبه معلنا قدوم أبي
نواس ، فقال الخليفه : دعه ينتظر قليلا ؛ ثم نظر إلى جلسائه ، وقال : هذه فرصه
سانحه نضحك فيها على أبي نواس ، ويجب أن أستحضر لكل منكم بيضه تخبئونها
في طيّات ثيابكم ، حتى إذا دخل أبو نواس ، يتكلم كل واحد منكم بكلام ، فيتكلم
أحدكم كلمه اغضب عليكم عند سماعها ، وأقول : يا لكم من ضعاف مثل الفراخ ،
والله إذا لم تفعلوا مثل الدجاج ويبيض كل منكم بيضه لأقطعن رقابكم .
فقالوا : سمعا وطاعه يا أمير المؤمنين . وعندئذ طلب الخليفه الحاجب وقال له :
إذهب فاستحضر ست بيضات ، ولا تدع أحد يراك ، خصوصا أبا نواس .
فخرج الحاجب وعاد منفذا أمر الخليفه وأعطى لكل من الجالسين بيضه خبأها بين
طيات ثيابه ، وجلسوا ينتظرون .
ودخل أبو نواس فسلم على أمير المؤمنين سلام الخلافه ، وأظهر الرشيد انتباهه
إلى حديث جلسائه ، ونطق أحدهم بكلمه غضب منها الرشيد غضبا شديدا فصاح
بهم : ويحكم أيها الجبناء ؛ إنكم مثل الدجاج ، ولا أجد فرقا بينكم وبينها ... واللهِ ...
إن لم يبض كل منكم بيضه لأقطعن رقابكم .
فأظهروا الإضطراب والخوف ، وأخذوا يفعلون كما تفعل الفراخ . وبعد قليل مد الأول
منهم يده إلى خلفه ، فأخرج بيضته وقال : ها هي بيضتي يا أمير المؤمنين ؛
وأعقبه الثاني والثالث الرابع إلى السادس ، وكان الخليفه يقول لكل من يقدم بيضته : قد نجوت .
ولما جاء الدور إلى أبي نواس ، وقف على قدميه ومشى حتى توسط الجميع وصار
أمام الخليفة وجها لوجه ، ثم صار يقول : كاك .. كاك .. كاك .. كما يفعل الديك بين
زوجاته الفراخ ، ثم ضرب إبطيه على بعضهما ، وصاح بأعلى صوته كما يفعل الديك تماما ...
وقال : كو كو ... كو كو ..
فقال له الخليفه : ما هذا يا أبا نواس ؟
فقال : عجبا يا أمير المؤمنين ؛ هل رأيت فراخا تبيض من غير ديك ؟ هؤلاء فراخك
وأنا ديكهم . !
فضحك الخليفه حتى كاد يسقط عن كرسيه ، وقال له : يا لك من خبيث ماكر ،
والله لو لم تكن فعلت ذلك لعاقبتك ؛ ثم أمر له بهديه ومال ، وهو معجب بذكائه وسرعة خاطره ونباهته .
إرسال تعليق