((( البحتري و جمال الربيع ------------- !! )))
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا
يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما
( أكان الصبا ألا خيالا مسلما )
نعم قد حفظنا منذ نعومة أظفارنا تلك أبيات ( البحتري ) و لجمالها تزينت
بها كتب البلاغة و النحو فكانت لها حضور منقطع النظير في أيام الدراسة و لم
لا فهي قطعة من روائع الادب قديما و حديثا -------
من كل عام مع فصل (
الربيع ) نتذكر البحتري صاحب رائعة الربيع الطلق مع موسم الاخضرار حيث
روعة الطبيعة و تفتح الازهار و الطيور الملونة و شدو البلابل و خرير
الانهار و تزين البساتين الفيحاء بالورود الفتانة و تحتشد البيئة استعدادا
لهذا الموسم الذي هو عنوان فلسفة الحياة و ملهم الابداع و الفن و العبقرية
عناصر متجانسة الاشكال و الالوان الكل يتناغم يتسابق يتباري في رسم و نظم
القيم الجمالية لهذا الكون الرحب في فرح و سعادة تتجمع الأصوات تغني مع
روعة المساء حيث الحصاد ----------
يا لها من ذكريات الشباب و السحر و
الخيال حيث عبقرية الشواطيء و الاحتفالات مع صفحات النهر الخالد في مصر
المحروسة و بلاد الرافدين الغراء و ايام الاندلس الفردوس الضائع في كل مكان
تتزين المداخل كي تعانق الزائرين في سلام ---------
عيد الربيع " النيروز " :
----------------------
هو عيد رأس السنة المصرية و بيعتبر أول يوم في السنة الزراعية الجديدة، و ده بيوافق أول شهر توت و هو أول شهور السنة القبطية.
كلمة نيروز جات من الكلمة القبطية (ني - يارؤو) = الأنهار، لأن فى الوقت
ده من السنه هو ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل، سبب الحياة في مصر. ولما
دخل اليونانيين مصر أضافوا حرف ال"سى" للأعراب كعادتهم فأصبحت "نيروس"
فظنها العرب كلمة نيروز الفارسية. أما عن "ال نوروز أو النيروز الفارسية"
فتعني اليوم الجديد (ني = جديد , روز= يوم) وهو عيد الربيع عند الفرس ومنه
جه الخلط من العرب.
كان الفلاح المصرى القديم بيتبع التقويم القبطى
المعروف حاليا فى زراعته. و لأهمية الزراعة عند القدماء المصريين اختاروا
أول توت كبداية للسنة المصرية لأنه يوافق اكتمال موسم فيضان النيل. و هو
الموسم اللى بيعم فيه الخير و البركة على الجميع و تزداد فيه خصوبة الأرض و
تتضاعف المحاصيل.
و قد تغني به الشعراء و هام به ارباب الفنون و
الابداع و تم تسجيل كل هذا في الأعمال الخالدة و ايام الفلاحة و و مواسم
الخير حيث الحصاد --------
البحتري:
--------
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، ولد 206هـ - 821م بمنبج بالقرب من حلب و توفي في " منبج عام " 897م -----
بعد أن ترك ديوان ضخم، وكتاب الحماسة على مثال حماسة أبي تمام قام فيه
باختيار الشعر من ستمائة شاعر أكثرهم من الجاهليين والمخضرمين، وجعله في
ثلاثة أبواب واحد للحماسة والثاني للأدب والثالث للرثاء، ويشترك أبو تمام
والبحتري في الكثير من الشعراء الذين رويا عنهم.
بسوريا الحبيبة – حفظها الله و أعاد أيامها الخوالي الجميلة -
و أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو
أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري،
سئل أبي العلاء المعري ذات يوم عن أي من الثلاثة السابقين أشعر من غيره في الشعر فكان رده :
" أن المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر هو البحتري".
يقال عن البحتري انه نشأ فقيراً وتوفى غنياً وذلك نظراً لكونه مثل باقي
شعراء عصره سعى للتكسب بشعره فقام بمدح الخلفاء والوزراء وغيرهم فأفتتح
شعره بالغزل وأدخل به الحكمة والعاطفة والفخر والوصف، كما عمل على تسجيل
الأحداث المختلفة من خلال قصائده الشعرية.
و البحتري صاحب شاعرية متفردة كما نلمح كل هذا في سينيته التي عارضها أمير الشعراء أحمد شوقي في عصرنا الحديث --------
من قصائده الشهيرة القصيدة السينية والتي قالها عندما قام بزيارة إيوان
كسرى، فأسترجع فيها حضارة الفرس في وصفه لهذه الدولة التي كانت بها قوة
عظيمة ثم اضمحلت فقال فيها:
صُـــنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
وَتَرَفَّعــــــــــتُ عَن جَدا كُلِّ iiجِبسِ
وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني iiالدَهـر
التِماساً مــــــــــِنهُ لِتَعسي وَنَكسي
بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِـــــندي
طَفَّفَتها الأَيّـــــــــــامُ تَطفيفَ iiبَخسِ
وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ iiرِفَـــــــــــــــهٍ
عَلَلٍ شُـــــــربُهُ وَوارِدِ iiخِـــــــمسِ
وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ iiمَحــــــمولاً
هَواهُ مَـــــــعَ الأَخَسِّ iiالأَخَــــــــسِّ
لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ iiاللـــــــــــَيالي
جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ iiعُــــــــــرسِ
مع البحتري و موسم الربيع :
---------------------------
( أكان الصبا ألا خيالا مسلما )
أكَانَ الصّبا إلاّ خَيالاً مُسَلِّما، أقَامَ كَرَجْعِ الطّرْفِ، ثمّ تَصَرّما
أرَى أقصَرَ الأيّامِ أحْمَدَ في الصِّبا وأطْوَلَهَا مَا كَانَ فيهِ مُذَمَّمَا
تَلَوّمْتُ في غَيّ التّصَابي، فَلَمْ أُرِدْ بَدِيلاً بهِ، لَوْ أنّ غَيّاً تُلُوِّمَا
وَيَوْمَ تَلاقٍ، في فِرَاقٍ، شَهِدْتُه بِعَيْنٍ، إذا نَهنَهْتُها دَمَعََتْ دَمَا
لحِقْنا الفَرِيقَ المُستَقِلّ ضُحَى وَقدْ، تَيَمّمَ مِنْ قَصْدِ الحِمَى مَا تَيَمّما
فقُلتُ: انْعِمُوا مِنّا صَبَاحاً، وإنّما أرَدْتُ بِما قُلتُ الغَزَالَ المُنَعَّمَا
وَمَا بَاتَ مَطْوِيّاً عَلى أرْيَحِيّةٍ، بعُقْبِ النّوَى إلاّ امرُؤٌ باتَ مُغرَمَا
غَنِيتُ جَنِيباً للغَوَانِي يَقُدْنَني إلى أنْ مَضَى شرْخُ الشّبابِ، وَبعدَمَا
وَقِدْماً عَصَيتُ العاذِلاَتِ، وَلَمْ أُطعْ طَوَالِعَ هذا الشّيْبِ، إذْ جِئنَ لُوَّمَا
أقُولُ لثَجّاجِ الغَمامِ، وَقَد سَرَى بمُحتَفَلِ الشّؤبُوبِ صَابَ فعَمّمَا
أقِلَّ وأكْثِرْ لَستَ تَبْلُغُ غايَةً تَبينُ بِها حَتّى تُضَارِعَ هَيْثَما
وهُوالمَوْتُ وَيْلٌ منهُ لا تَلْقَ حَدّهُ، فمَوْتُكَ أنْ تَلقاهُ في النّقعِ مُعلَمَا
فَتًى لَبِسَتْ منهُ اللّيالي مَحَاسِناً، أضَاءَ لَها الأُفْقُ الذي كانَ مُظِلْمَا
مُعاني حُرُوبٍ قَوّمَتْ عَزْمَ رَأيِهِ، وَلَنْ يَصْدُقَ الخَطّيُّ، حتّى يُقَوَّمَا
غَدا وَغَدَتْ تَدْعُو نِزَارٌ وَيَعرُبٌ لَهُ أنْ يَعيشَ الدّهرَ فيهِمْ، وَيَسْلَمَا
تَوَاضَعَ مِنْ مَجْدٍ لَهُمْ وَتَكَرّمٍ، وَكُلُّ عَظيمِ لا يُحِبُّ التّعَظّمَا
لِكُلّ قَبيلٍ شُعْبَةٌ مِنْ نَوَالِهِ، وَيَختَصُّهُ منهُمْ قَبيلٌ، إذا انتَمَى
تَقَصّاهُمُ بالجُودِ، حتّى لأقْسَمُوا بأنّ نَداهُ كانَ والبَحْرَ تَوْءَمَا
أبَا القَاسِمِ! استَغْزَرْتَ دَرّ خَلائقٍ، مَلأنَ فِجَاجَ الأرْضِ بُؤسَى وأنْعُمَا
إذا مَعشَرٌ جَارَوْكَ في إثرِ سُؤدَدٍ، تأخّرَ مِنْ مَسعاتهِمْ ما تَقَدّما
سَلامٌ، وَإنْ كَانَ السّلامُ تَحِيَّةً، فوَجْهُكَ دونَ الرّدّ يكفي المُسَلِّمَا
ألَستَ تَرَى مَدّ الفُراتِ كأنّهُ جبالُ شَرَوْرَى جِئْنَ في البَحرِعُوَّمَا
وَلَمْ يَكُ مِنْ عاداتِهِ غَيرَ أنّهُ رَأى شِيمَةً مِنْ جَارِهِ، فَتَعَلَّما
وَمَا نَوّرَ الرّوْضُ الشآميُّ بَلْ فَتًى تَبَسّمَ مِنْ شعرْقِيّهِ، فَتَبَسّما
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا
يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما
أحَلَّ، فأبْدَى لِلْعُيونِ بَشَاشَةً، وَكَانَ قَذًى لِلْعَينِ، إذْ كانَ مُحْرِما
وَرَقّ نَسيمُ الرّيحِ، حتّى حَسِبْتُهُ يَجىءُ بأنْفَاسِ الأحِبّةِ، نُعَّمَا
فَما يَحبِسُ الرّاحَ التي أنتَ خِلُّهَا، وَمَا يَمْنَعُ الأوْتَارَ أنْ تَتَرَنّما
وَمَا زِلْتَ خِلاًّ للنّدَامى إذا انتَشُوا، وَرَاحُوا بُدوراً يَستَحِثّونَ أنْجُمَا
تَكَرّمتَ من قَبلِ الكؤوسِ عَلَيهِمِ، فَما اسطَعنَ أنْ يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّمَا
نتمني ان نكون قدمنا لكم صفحة شعرية متعددت الالوان بسحر الكلمات التي
نظمها البحتري في جماليات لها دلالات تنطق بالقيم و الجمال و الحب في تناغم
يجسد معنا الرؤي و الاحلام بعيدا عن الصراعات تجمع شتي الذكريات في أصالة
تفسر حلم الطبيعة الحسناء التي ترفل في ثوبها القشيب تلقي بالشوق من بعيد
في قلوب العاشقين لهذه الحياة
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله
=================
تغريـــــــدة الشــــــــعر العربي
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
---------------------------------------
((( البحتري و جمال الربيع ------------- !! )))
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا
يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما
( أكان الصبا ألا خيالا مسلما )
نعم قد حفظنا منذ نعومة أظفارنا تلك أبيات ( البحتري ) و لجمالها تزينت
بها كتب البلاغة و النحو فكانت لها حضور منقطع النظير في أيام الدراسة و لم
لا فهي قطعة من روائع الادب قديما و حديثا -------
من كل عام مع فصل (
الربيع ) نتذكر البحتري صاحب رائعة الربيع الطلق مع موسم الاخضرار حيث
روعة الطبيعة و تفتح الازهار و الطيور الملونة و شدو البلابل و خرير
الانهار و تزين البساتين الفيحاء بالورود الفتانة و تحتشد البيئة استعدادا
لهذا الموسم الذي هو عنوان فلسفة الحياة و ملهم الابداع و الفن و العبقرية
عناصر متجانسة الاشكال و الالوان الكل يتناغم يتسابق يتباري في رسم و نظم
القيم الجمالية لهذا الكون الرحب في فرح و سعادة تتجمع الأصوات تغني مع
روعة المساء حيث الحصاد ----------
يا لها من ذكريات الشباب و السحر و
الخيال حيث عبقرية الشواطيء و الاحتفالات مع صفحات النهر الخالد في مصر
المحروسة و بلاد الرافدين الغراء و ايام الاندلس الفردوس الضائع في كل مكان
تتزين المداخل كي تعانق الزائرين في سلام ---------
عيد الربيع " النيروز " :
----------------------
هو عيد رأس السنة المصرية و بيعتبر أول يوم في السنة الزراعية الجديدة، و ده بيوافق أول شهر توت و هو أول شهور السنة القبطية.
كلمة نيروز جات من الكلمة القبطية (ني - يارؤو) = الأنهار، لأن فى الوقت
ده من السنه هو ميعاد اكتمال موسم فيضان النيل، سبب الحياة في مصر. ولما
دخل اليونانيين مصر أضافوا حرف ال"سى" للأعراب كعادتهم فأصبحت "نيروس"
فظنها العرب كلمة نيروز الفارسية. أما عن "ال نوروز أو النيروز الفارسية"
فتعني اليوم الجديد (ني = جديد , روز= يوم) وهو عيد الربيع عند الفرس ومنه
جه الخلط من العرب.
كان الفلاح المصرى القديم بيتبع التقويم القبطى
المعروف حاليا فى زراعته. و لأهمية الزراعة عند القدماء المصريين اختاروا
أول توت كبداية للسنة المصرية لأنه يوافق اكتمال موسم فيضان النيل. و هو
الموسم اللى بيعم فيه الخير و البركة على الجميع و تزداد فيه خصوبة الأرض و
تتضاعف المحاصيل.
و قد تغني به الشعراء و هام به ارباب الفنون و
الابداع و تم تسجيل كل هذا في الأعمال الخالدة و ايام الفلاحة و و مواسم
الخير حيث الحصاد --------
البحتري:
--------
هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، ولد 206هـ - 821م بمنبج بالقرب من حلب و توفي في " منبج عام " 897م -----
بعد أن ترك ديوان ضخم، وكتاب الحماسة على مثال حماسة أبي تمام قام فيه
باختيار الشعر من ستمائة شاعر أكثرهم من الجاهليين والمخضرمين، وجعله في
ثلاثة أبواب واحد للحماسة والثاني للأدب والثالث للرثاء، ويشترك أبو تمام
والبحتري في الكثير من الشعراء الذين رويا عنهم.
بسوريا الحبيبة – حفظها الله و أعاد أيامها الخوالي الجميلة -
و أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو
أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري،
سئل أبي العلاء المعري ذات يوم عن أي من الثلاثة السابقين أشعر من غيره في الشعر فكان رده :
" أن المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر هو البحتري".
يقال عن البحتري انه نشأ فقيراً وتوفى غنياً وذلك نظراً لكونه مثل باقي
شعراء عصره سعى للتكسب بشعره فقام بمدح الخلفاء والوزراء وغيرهم فأفتتح
شعره بالغزل وأدخل به الحكمة والعاطفة والفخر والوصف، كما عمل على تسجيل
الأحداث المختلفة من خلال قصائده الشعرية.
و البحتري صاحب شاعرية متفردة كما نلمح كل هذا في سينيته التي عارضها أمير الشعراء أحمد شوقي في عصرنا الحديث --------
من قصائده الشهيرة القصيدة السينية والتي قالها عندما قام بزيارة إيوان
كسرى، فأسترجع فيها حضارة الفرس في وصفه لهذه الدولة التي كانت بها قوة
عظيمة ثم اضمحلت فقال فيها:
صُـــنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي
وَتَرَفَّعــــــــــتُ عَن جَدا كُلِّ iiجِبسِ
وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني iiالدَهـر
التِماساً مــــــــــِنهُ لِتَعسي وَنَكسي
بُلَغٌ مِن صُبابَةِ العَيشِ عِـــــندي
طَفَّفَتها الأَيّـــــــــــامُ تَطفيفَ iiبَخسِ
وَبَعيدٌ مابَينَ وارِدِ iiرِفَـــــــــــــــهٍ
عَلَلٍ شُـــــــربُهُ وَوارِدِ iiخِـــــــمسِ
وَكَأَنَّ الزَمانَ أَصبَحَ iiمَحــــــمولاً
هَواهُ مَـــــــعَ الأَخَسِّ iiالأَخَــــــــسِّ
لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ iiاللـــــــــــَيالي
جَعَلَت فيهِ مَأتَماً بَعدَ iiعُــــــــــرسِ
مع البحتري و موسم الربيع :
---------------------------
( أكان الصبا ألا خيالا مسلما )
أكَانَ الصّبا إلاّ خَيالاً مُسَلِّما، أقَامَ كَرَجْعِ الطّرْفِ، ثمّ تَصَرّما
أرَى أقصَرَ الأيّامِ أحْمَدَ في الصِّبا وأطْوَلَهَا مَا كَانَ فيهِ مُذَمَّمَا
تَلَوّمْتُ في غَيّ التّصَابي، فَلَمْ أُرِدْ بَدِيلاً بهِ، لَوْ أنّ غَيّاً تُلُوِّمَا
وَيَوْمَ تَلاقٍ، في فِرَاقٍ، شَهِدْتُه بِعَيْنٍ، إذا نَهنَهْتُها دَمَعََتْ دَمَا
لحِقْنا الفَرِيقَ المُستَقِلّ ضُحَى وَقدْ، تَيَمّمَ مِنْ قَصْدِ الحِمَى مَا تَيَمّما
فقُلتُ: انْعِمُوا مِنّا صَبَاحاً، وإنّما أرَدْتُ بِما قُلتُ الغَزَالَ المُنَعَّمَا
وَمَا بَاتَ مَطْوِيّاً عَلى أرْيَحِيّةٍ، بعُقْبِ النّوَى إلاّ امرُؤٌ باتَ مُغرَمَا
غَنِيتُ جَنِيباً للغَوَانِي يَقُدْنَني إلى أنْ مَضَى شرْخُ الشّبابِ، وَبعدَمَا
وَقِدْماً عَصَيتُ العاذِلاَتِ، وَلَمْ أُطعْ طَوَالِعَ هذا الشّيْبِ، إذْ جِئنَ لُوَّمَا
أقُولُ لثَجّاجِ الغَمامِ، وَقَد سَرَى بمُحتَفَلِ الشّؤبُوبِ صَابَ فعَمّمَا
أقِلَّ وأكْثِرْ لَستَ تَبْلُغُ غايَةً تَبينُ بِها حَتّى تُضَارِعَ هَيْثَما
وهُوالمَوْتُ وَيْلٌ منهُ لا تَلْقَ حَدّهُ، فمَوْتُكَ أنْ تَلقاهُ في النّقعِ مُعلَمَا
فَتًى لَبِسَتْ منهُ اللّيالي مَحَاسِناً، أضَاءَ لَها الأُفْقُ الذي كانَ مُظِلْمَا
مُعاني حُرُوبٍ قَوّمَتْ عَزْمَ رَأيِهِ، وَلَنْ يَصْدُقَ الخَطّيُّ، حتّى يُقَوَّمَا
غَدا وَغَدَتْ تَدْعُو نِزَارٌ وَيَعرُبٌ لَهُ أنْ يَعيشَ الدّهرَ فيهِمْ، وَيَسْلَمَا
تَوَاضَعَ مِنْ مَجْدٍ لَهُمْ وَتَكَرّمٍ، وَكُلُّ عَظيمِ لا يُحِبُّ التّعَظّمَا
لِكُلّ قَبيلٍ شُعْبَةٌ مِنْ نَوَالِهِ، وَيَختَصُّهُ منهُمْ قَبيلٌ، إذا انتَمَى
تَقَصّاهُمُ بالجُودِ، حتّى لأقْسَمُوا بأنّ نَداهُ كانَ والبَحْرَ تَوْءَمَا
أبَا القَاسِمِ! استَغْزَرْتَ دَرّ خَلائقٍ، مَلأنَ فِجَاجَ الأرْضِ بُؤسَى وأنْعُمَا
إذا مَعشَرٌ جَارَوْكَ في إثرِ سُؤدَدٍ، تأخّرَ مِنْ مَسعاتهِمْ ما تَقَدّما
سَلامٌ، وَإنْ كَانَ السّلامُ تَحِيَّةً، فوَجْهُكَ دونَ الرّدّ يكفي المُسَلِّمَا
ألَستَ تَرَى مَدّ الفُراتِ كأنّهُ جبالُ شَرَوْرَى جِئْنَ في البَحرِعُوَّمَا
وَلَمْ يَكُ مِنْ عاداتِهِ غَيرَ أنّهُ رَأى شِيمَةً مِنْ جَارِهِ، فَتَعَلَّما
وَمَا نَوّرَ الرّوْضُ الشآميُّ بَلْ فَتًى تَبَسّمَ مِنْ شعرْقِيّهِ، فَتَبَسّما
أتَاكَ الرّبيعُ الطّلقُ يَختالُ ضَاحِكاً منَ الحُسنِ حتّى كادَ أنْ يَتَكَلّمَا
وَقَد نَبّهَ النّوْرُوزُ في غَلَسِ الدّجَى أوائِلَ وَرْدٍ كُنّ بالأمْسِ نُوَّمَا
يُفَتّقُهَا بَرْدُ النّدَى، فكَأنّهُ يَنِثُّ حَديثاً كانَ قَبلُ مُكَتَّمَا
وَمِنْ شَجَرٍ رَدّ الرّبيعُ لِبَاسَهُ عَلَيْهِ، كَمَا نَشَّرْتَ وَشْياً مُنَمْنَما
أحَلَّ، فأبْدَى لِلْعُيونِ بَشَاشَةً، وَكَانَ قَذًى لِلْعَينِ، إذْ كانَ مُحْرِما
وَرَقّ نَسيمُ الرّيحِ، حتّى حَسِبْتُهُ يَجىءُ بأنْفَاسِ الأحِبّةِ، نُعَّمَا
فَما يَحبِسُ الرّاحَ التي أنتَ خِلُّهَا، وَمَا يَمْنَعُ الأوْتَارَ أنْ تَتَرَنّما
وَمَا زِلْتَ خِلاًّ للنّدَامى إذا انتَشُوا، وَرَاحُوا بُدوراً يَستَحِثّونَ أنْجُمَا
تَكَرّمتَ من قَبلِ الكؤوسِ عَلَيهِمِ، فَما اسطَعنَ أنْ يُحدِثنَ فيكَ تَكَرُّمَا
نتمني ان نكون قدمنا لكم صفحة شعرية متعددت الالوان بسحر الكلمات التي
نظمها البحتري في جماليات لها دلالات تنطق بالقيم و الجمال و الحب في تناغم
يجسد معنا الرؤي و الاحلام بعيدا عن الصراعات تجمع شتي الذكريات في أصالة
تفسر حلم الطبيعة الحسناء التي ترفل في ثوبها القشيب تلقي بالشوق من بعيد
في قلوب العاشقين لهذه الحياة
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله
=================
إرسال تعليق