GuidePedia

0
تغـــــــــريدة الشـــــــــعر العربي
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك - الفايدي
-------------------------------------
شاعر الكلمة السجينة
إسماعيل الضنين
1960م -
حرام أن يقال الشعر في أيامنا بدعة
حرام أن يباع الشعر في سوق الضنى سلعة
ونجتث القريض إذا نعيش العمر في لوعة
تعالي كي نشيد في رياض قريضنا قلعة
نعيش مع شاعر مسكون بهموم الشعر في اقليم كفر الشيخ كفر الشعر و كعبة الشعر حيث الطبيعة و الجمال و رافد النيل في بلد سيدي ابراهيم الدسوقي و النزعة الصوفية و عبق التراث و التاريخ جعلت منه ملهما يتفيء ظلال الشعر في تجربة رائدة تستدعي قيم لازمته منذ نعومة أظفاره و من ثم جاء يعزف متوالياته الخالدة ----
نشـــــأته :
----------
ولد شاعرنا إسماعيل عبد العزيز الضنين في عام 1960 م في قرية " " بدسوق محافظة كفر الشيخ ، تخرج في كلية التربية بكفر الشيخ وحصل علي ليسانس اللغة العربية عام 1984 م
ويعمل معلما للغة العربية بمدرسة دسوق الثانوية ،ثم موجها للغة العربية و التربية الدينية و مازل فارسا في باحة التعليم و أروقة الشعر –
وقد صدر ديوان للشاعر بعنوان " الإبحار فى صحف ممزقة " عن وزارة الثقافة - الهيئة العامة لقصور الثقافة, 2000م 0
وله عدة دواوين شعرية جزلة الكلمة والمعني ، فهو شاعر رصين متجدد ومتمكن ، فارس للقصيدة بمعايرها الفنية بل و صاحب فكر وخيال واسع ، بل مدرسة ذاتية ينهل من قاموسه الخاص الفريد ، يعزف علي اوتاره مع عمالقة الشعر العربي في هدي و ثبات ونشم كل هذا من واقع لوحاته الشعرية الرائعة التي تأتي من محرابه المتبتل دائما كما عاهدناه في صحبة الجامعة دائما 0
ويقول الضنين في قصيدة " رسالة إلي صاحب المنهل العذب – أبي الطيب المتنبي " ربعيات جميلة رائعة تنساب منها الصور والمعاني سلسبيلا ، والتي تعد معلقة لو لم يكتب الضنين غيرها لجعلته شاعرا غردا مفلقا يهز الوجدان بالصدق هزا جميلا :
عرفتك – يا سليل الشعر في درب الهوى فكرا
والمح في جبينك – يا صديقي – صورة أخري
وقلبا نبضه الآمال يمضغ في الدنا صخرا
احبك دونما شكوي فقد أمسي الهوى سرا
= = =
احبك – رغم ما قالوا – صديقا شعره ديما
وفجرا ثائرا يغفو وتصحو خلفه الأمم
فقد أسمعت آذانا ، وان كان بهم صمم
احبك في ظلام الليل حتى تنجلي الظلم
= = =
أعرني قلبك الغافي أفتش فيه عن قلبي
و أبحر في عوالم قلبك المقرون بالحب
أعرني أنني المحروم قد ضل الهوى دربي
سبتني منك أشعار ، و كم من شاعر يسبي
= = =
كلانا قبضة الحتان لا يالو و لا يهمد
ولا يخشي سهام القهر انا للعلا نصعد
فاني – يا صديقي – انت لا ازجي ولا اخمد
ولا احني لغانية ، فان قضيتي ابعد
= = =
حرام أن يقال الشعر في أيامنا بدعة
حرام أن يباع الشعر في سوق الضنى سلعة
ونجتث القريض إذا نعيش العمر في لوعة
تعالي كي نشيد في رياض قريضنا قلعة
= = =
تعالي - يا صديقي – كي نعيد المجد للأشعار
ونسكب من رحيق الشعر كأسا ساغ للسمار
وننسي حرقة الأيام ، نعشق رنة القيثار
فقد طال الوقوف هناك نرقب صيحة الأطيار
= = =
تعالي – يا ندي الشعر – والق النوم والأكفان
فقد تاه الطريق بنا ، وليس لشعرنا ربان
زمان الشعر قد ولي ، ودالت دولة الفرسان
تعالي ربما للشعر تنبض ريشة الفنان
تعالي إلي وخذني لنترك عالم الأحزان
تعالي إلي أو خذني لنترك عالم الأحزان
- - - - - - - -
ومن شعره في صديقه الشاعر إسماعيل بريك ، يقول إسماعيل الضنين:
قنديلنا في الشعر إسماعيل .. أشعاره فوق الثدي إكليل
ملك القوا في لا بديل لشعره .. إن الملوك بمثله لقليل
إني أخالك كوثرا فحديثكم .. في الأمسيات مهذب ونبيل
= = =
" وصية شيخ لابنه "
ويقول شاعرنا الضنين في قصيدة بعنوان " وصية شيخ لابنه " وهي تذكرنا بقصيدة – ولدي – للشاعر السوري خليل مردم ، والشاعر علي الجارم عندما يكتب قصيدة وصيه " إلي ابنتي " يلزمها بمكارم الأخلاق النبيلة ..
يقول إسماعيل عبد العزيز الضنين ، وهو يسير علي نهج الآباء ، يرشف الحكمة التي تهدي الأبناء ، لتكتمل مسيرة رسالة الشعر ، إلي الفن والمجتمع في وقت واحد معا :
يا نبض قلبي قد بلغت الآن من عمري عتيا
لكن قلبي يا بني من الرضا أمسي فتيا
إني أريدك سيدا سمح الشمائل والمحيا
ومن المكارم ترتدي ثوبا يبلغك الثريا
فأنا أبوك ، وأنت تعيش في الفؤاد
فأعمل بقولي إن جنحت إلي الرشاد
و أصبر وخل اليأس وأقطعه وما نسجت يداه
قد كنت مثلك صارما أمشي قويا في الحياة
قد عشت يا ولدي فتيا صائنا لحق الإله
فاصنع جميلا طيبا واخشع لربك في الصلاة
و إذا أحال اليأس بينك والمراد
فارفع سلاحك راكبا فرس الجهاد
ولدي جعلتك يافعا وشددت عزمك من قوايا
ولدنك أمك بلبلا فجعلت لهوك في حشايا
وجعلت نومك يا بني مقره بين الحنايا
و الآن يا كبدي سمعت من العنا جرس المنايا
فأنصت لقولي واستمع لوصيتي
من قبل أن تري إليك منيتي
وصيتي أن تحفظ الأخت الصغيرة في الصمام
وتحفها بغشاء قلبك في حنان وفي وئام
وأفق بها إن أخطأت واسكب لها ضوء السلام
و أقم لها قصر المحبة في فؤادك لا تضام
هي أختك الفضلى كما هي ابنتي
فأكسب رضاها تعتلي لمحبتي
هذي الوصية يا بني فكن لها نعم المدان
صنها ونفذ ما بها تلق المحبة و الأمان
== =====
قصيدة " أنا والحسين "
ونعيش مع قصيدة " أنا والحسين " التي يستهلها بكلمات ترجع بنا إلي عصر الفتنة الكبرى ، عبر مسرح الأحداث التاريخية ، ليوظف لنا الموروث في رصد هذه القيم شعرا رقيقا ، مستلهما ومستحضرا عبق العصور الجميلة ، وعند قراءتي لهذه القصيدة " أنا الحسين "كأنني أطوف أمام قراءة لقصيدة بلقيس لنزار قباني ، ولكن بخيال فلسفي مختلف ، يقول الضنين :
وأنا الحسين
أنا الذي تركوه مصلوبا علي شجر القصائد
أوثقوا صلوانه - - تركوه نهبا للذئاب
و أوصدوا باب النوارس
إنهم جعلوا دمائي نخبهم ، وطقوس عرسهم
بخور تمائم كتبوا عليها :
يا نار كوني للحسين سلاما
لكنني ما كنت قديسا نبيا
= = =
بغزوا الأواني الخضر لما أهدروا مها البريء
و ذا قميصي انتظروا دمه
وهذا مخلب الزمن الذي افترس الحقيقة
وانتفي سيفا عقورا
حينما وضع العمامة
أو رأي فوق النخيل رؤسنا قد أينعت
ورأي ثمارا حان وقت قطافها
والنار تسري في الهشيم
وليلنا الثقفي ينفث سمه - - وحبيبتي
وحبيبتي تبدو مظللة بأغصان من الزيتون
تبدو من خلال غلائل – ودخان حجاج
وطفل هام بالأحجار
تبدو من خلال النار والأنوار
شيخا غار في أحلامه الأولي ، ووجهنا يوسيفيا
خففا كوشوشة النوارس وانتظارا شاعريا
لحنا وتغريدا وروحا عبقريا
وهي القطاة وغرها شرك تجاذبه بكل صلابه وحجارة وشهادة
وهي الأسيرة لم تزك مهرا عصيا
والمهر غال والمدى بر و بحر والجنود بنادق وخناجر
وجنادل القلب مذبوح يرفرف
وسدوه اللحد – حتى مرغوا الجسد النحيل
ولم يزل قلبا صبا
= = =
جرحي قطاة شصها وجعي
وجرحي قد أبي ألا يعود إلي المضاجع
قد أبي جرحي الوجع
= = =
قتلوا الحسين ، وكلما عصفت رياح عاتيات
كلما قام اللصوص بنهب صوتي كلما ركزوا البنادق في نخاع طفولتي
الموؤدة البكر الرشيد
وقد أباحوا كل شيء قد تناسوا أنها ولدت
وصاروا ينشقون عبيرها لكنني لم أنسها
لم أنس طفلا شاخ في زمن الطفولة
وانتشي من ذكريات الذاكرين
نهبوا نخاعي
عندما افترسوا الحقيقة
أعلنوا وطنا لهم
جعلوا البنادق والخناجر خير إعلان لهم
* * *
بعد هذه الاطلالة في عالم الضنين الذي امسك باغراض شعرية تصور لنا رؤيته للواقع في معاصرة تحافظ علي اللفظ و المعني و الايقاع بعيدا عن التعقيد و الغموض في رومانسية تتقلب في مقاطع لها صدي رجع القصيد في جماليات تنطق بقافة متبحرة في تلقائية تفتح لنا عالمه الشعري الخصيب ذات خيال مركب فهو يحتاج الي قراءات و تحليل و توثيق لكل مرحلة ابداعية تسير مع الزمن هكذا توقفنا مع رافد الشعر الذي عزف متوالياته في حب لميلاد قصيدة مصبوغة بالتجليات الضنية لها فتح لغوي و قاموس متفرد في تناول النص الشعر في دلالات تعج بالتعبيرات و الصور دائما
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله
========

إرسال تعليق

 
Top