لازالت قريتنا تذكر ذلك اليوم المشهود ، وتتندر به . خطيب الجمعة الضخم
، المتخم بالعلف والتسمين ، ينعق من فوق المنبر :" أين أنتم يارجال القرية
من تلك المهزلة ، نساؤكم يغسلن الأوانى فى النهر ، وقد كشفن عن سيقانهن ،
وبدت لحومهن فريسة لمن يشتهيها ؟!" ؛ فينهض الحاج يوسف ، ويطبق على خناقه ،
ويجرجره من عليائه مُتدحرجاً به على سلالم المنبر العتيق ، وهو يصيح فيه "
ياراجل ياضلالى ، تاكل ميراث ولاد أخوك ، ومحموق اوى على افخاد النسوان؟!. لم يُفصّل الله فى كتابه أمراً ، كما فصّل الميراث وكيفية توزريعه ، بحيث لم يترك فيه لأحد مجالا للاجتهاد أو الاستنتاج . لكن الانسان ما أكفره !. أضاع أكثر ماأضاع ذلك الميزان الدقيق ، واخضعه لهواه ورغباته وأطماعه ، الدنيوية الدنيئة !. فقلما تجد فى قُرانا من يعطى للبنات حقوقهن من الميراث وفق ما شرّع الله !.
كان والدى يرحمه الله حاضراً ساعة احتضار واحد من جيراننا ، وكان من الذين
لايعترفون بميراث البنات ، رغم أنه حج الى بيت الله الحرام ثلاث حجات ،
وكانت له عُمرة سنوية ، فقال له والدى ناصحاً " مامصلحتك ياحاج فى ألا تورث
بناتك وتخالف أمر الله ؟!." فقال له وهو فى النزع الأخير " دعنى وشأنى ،
جهنم عندى أرحم من أن يستولى على أرضى رجل غريب !". وكان يقصد أزواج بناته
!. وذهب الحاج الى جهنم ، وباع أولاده الذكور الأرض ، وغمر الفقر ديارهم ، حتى صاروا عبرة لمن يعتبر ، لكن ، لاأحد يعتبر !.
إرسال تعليق