السح الدح امبو
***********
خرير أمواج؛ ضوء العربة الأمامي كضربة فرشاة على لوحة قصديرية معتمة؛ بخار يتكثف على نوافذ العربة؛ العربة راسخة على الطريق؛ الثِقَل مضاعف؛ لا أخشى غير المنحنيات؛ السائق عاقل؛ حكيم؛ أغاني هادئة من كاسيت العربة؛ نظري لا يحيد عن الطريق؛ حمولة العربة مضاعفة؛ قد يكون السبب أن الرحلة لا تتكرر خلال الليلة الواحدة.
يدركني دوار خفيف؛ صوت الأغاني يضفي شجن رخيم؛ أسحب قليلاً زجاج النافذة عن يساري؛ أتنفس بعُمق؛ أغلق النافذة؛ أكثرنا في نوم قلق؛ الزحام لا يسمح بالتدخين. هنا؛ مطر الصحراء بلا مُقدمات؛ ينهمر؛ يبطئ السائق من اندفاع العربة؛ يشغل مساحات الزجاج الأمامي؛ ما يلبث أن يصمُت الدُش الكوني؛ تعاود العربة اندفاعها؛ تخلف وراءها لمع طريق.. سبحان الله؛ مطر سيناء ينتقي أوعيته.
تنحرف العربة يميناً؛ يغير السائق شريط الكاسيت بآخر؛ يدهشني ذوق السائق الذي لم يتوقف عند السح الدح امبو / إدي الواد لابوه. وإن كانت كلمات الأغنية لها من الدلالات السياسية وقتها ما لا يخفى على اللبيب؛ فهى تُعارض في حينها حُكم جمال عبد الناصر؛ وتتعاطف مع الشعب المقهور؛ ومن كلماتها: يا عم يا صاحب الجمال/ إرحمني انا ليلي طال / شوف لي جمال على قد الحال / يعوض صبري اللي طال. وكان من الطبيعي بعد هذه الجُمَل السياسية المباشرة؛ أن يلجأ الشاعر إلى التمويه فيقول: السح الدح امبو. تمهيداً للإنتقال إلى الحديث عن الشعب الذي يرمز إليه بالولد؛ إدي الواد لابوه.. يقصد؛ أترك الأمور لأصحابها؛ وأعد الحق لأهله: يا عيني الواد بيعيط / شيل الواد م الأرض/ إن كان عطشان اسقوه / وإن كان عيان ارقوه. وهكذا؛ فالفن في ظل الديكتاتورية يلجأ فيه الشاعر إلى المجاز؛ التمويه؛ التورية؛ ليُعبر عما يُريد.. ثم هو في أغنية حبه فوق وحبه تحت؛ يدين الشاعر التناقض الطبقي في الأمة؛ ويطلب من الناس الذين فوق أن يتعاطفوا مع الناس الذين تحت؛ وهو ما لم يحدث أبداً!!!!.
****
قصة قصيرة
عزت عبد العزيز حجازي
1/5/2015
من روايتي القادمة (نقطة 14 مراقبة).
صورة عزت عبد العزيز حجازي.
***********
خرير أمواج؛ ضوء العربة الأمامي كضربة فرشاة على لوحة قصديرية معتمة؛ بخار يتكثف على نوافذ العربة؛ العربة راسخة على الطريق؛ الثِقَل مضاعف؛ لا أخشى غير المنحنيات؛ السائق عاقل؛ حكيم؛ أغاني هادئة من كاسيت العربة؛ نظري لا يحيد عن الطريق؛ حمولة العربة مضاعفة؛ قد يكون السبب أن الرحلة لا تتكرر خلال الليلة الواحدة.
يدركني دوار خفيف؛ صوت الأغاني يضفي شجن رخيم؛ أسحب قليلاً زجاج النافذة عن يساري؛ أتنفس بعُمق؛ أغلق النافذة؛ أكثرنا في نوم قلق؛ الزحام لا يسمح بالتدخين. هنا؛ مطر الصحراء بلا مُقدمات؛ ينهمر؛ يبطئ السائق من اندفاع العربة؛ يشغل مساحات الزجاج الأمامي؛ ما يلبث أن يصمُت الدُش الكوني؛ تعاود العربة اندفاعها؛ تخلف وراءها لمع طريق.. سبحان الله؛ مطر سيناء ينتقي أوعيته.
تنحرف العربة يميناً؛ يغير السائق شريط الكاسيت بآخر؛ يدهشني ذوق السائق الذي لم يتوقف عند السح الدح امبو / إدي الواد لابوه. وإن كانت كلمات الأغنية لها من الدلالات السياسية وقتها ما لا يخفى على اللبيب؛ فهى تُعارض في حينها حُكم جمال عبد الناصر؛ وتتعاطف مع الشعب المقهور؛ ومن كلماتها: يا عم يا صاحب الجمال/ إرحمني انا ليلي طال / شوف لي جمال على قد الحال / يعوض صبري اللي طال. وكان من الطبيعي بعد هذه الجُمَل السياسية المباشرة؛ أن يلجأ الشاعر إلى التمويه فيقول: السح الدح امبو. تمهيداً للإنتقال إلى الحديث عن الشعب الذي يرمز إليه بالولد؛ إدي الواد لابوه.. يقصد؛ أترك الأمور لأصحابها؛ وأعد الحق لأهله: يا عيني الواد بيعيط / شيل الواد م الأرض/ إن كان عطشان اسقوه / وإن كان عيان ارقوه. وهكذا؛ فالفن في ظل الديكتاتورية يلجأ فيه الشاعر إلى المجاز؛ التمويه؛ التورية؛ ليُعبر عما يُريد.. ثم هو في أغنية حبه فوق وحبه تحت؛ يدين الشاعر التناقض الطبقي في الأمة؛ ويطلب من الناس الذين فوق أن يتعاطفوا مع الناس الذين تحت؛ وهو ما لم يحدث أبداً!!!!.
****
قصة قصيرة
عزت عبد العزيز حجازي
1/5/2015
من روايتي القادمة (نقطة 14 مراقبة).
صورة عزت عبد العزيز حجازي.
إرسال تعليق