GuidePedia

0
موسوعة (شعراء العربية )
المجلد الثامن \ شعراء النهضة العربية
الشاعر صالح القيرواني
(الشاعرالشريف)
بقلم د فالح الكيلاني
.
هو السيد صالح بن عمر سويسي القيرواني من تونس الخضراء وقد ولد بمدينة القيروان التاريخية سنة \ 1871 و قضى جزءا من طفولته بحاضرة تونس بعد انتقال والده أليها سنة \ 1876 واما والدته فهي بنت الشيخ علي العواني الشّريف الحسيني وهو بذلك يعتبر نفسه من الأشراف اماً واباً . حفظ القرآن بأحد كتاتيب مدينة تونس لقد نشأ صالح سويسي يتيما إذ فقد أباه سنة \ 1886 وهو في الخامسة عشرة من عمره .
عاد إلى القيروان سنة \ 1886 بعد فقد ابيه . ولم يعرف عنه أنه تلقى تعليما منتظما , بل درج على قراءة الكتب والمجلاّت والدّواوين الشّعرية حتى تكونت لديه ملكة أدبية وشغف بالكتابة فهو أحد أدباء القيروان المعتزّين بمدينتهم الحريصين على حمل نسبتهم أليها.
وقد تأثّر صالح سويسي بالحركة السّلفية التي دعى لها رواد النهضة العربية الاوائل منهم السيّد جمال الدين الأفغاني والسيد محمد عبده وسعد زغلول وابن بلده الشيخ محمد النخلي القيرواني فكان له منزع إ صلاح لا يخلو من الجرأة مما ادى الى نفيه إلى مدينة ( توزر) بالجنوب التونسي سنة \1897 لمدة ثلاثة أشهر.
ولما مات أبوه قامت والدته بتربيته ووجّهته إلى مصر للتعلّم واكتساب ما يلزمه من المعارف التي يدافع بها عن وطنه ودينه.
وصالح السويسي كما يصفه بعض الذين عايشوه من أهل بلده كان مثال الأديب المنقطع لخدمة الأدب لم يباشر عملا قطّ ولم تكن له مهنة معروفة سوى أنه ( شاعر) وكان يرتزق من بشعره ولا يستنكف من تسخير موهبته لأبسط الناس وكثيرا ما شكى الفقر وسوء حظ الأديب في شعره.
وكانت جلّ قصائده على الدعوة إلى الإصلاح ونبذ التقاليد الفاسدة والبدع التي تسيء إلى الدين. ولئن اشتمل ديوانه على أهمّ الأغراض التقليديّة فقد غلب عليه التغني بمدينة القيروان وتاريخها العريق والمديح النبوي والنقد الاجتماعي يتخلل ذلك ميل إلى الشكوى المشوب بالنفور من المدنية وتفضيل حياة البداوة.
حاول تجربة الشعر الحر او قصيدة النثر فلم يفلح و كتب بعد ذلك ( دليل القيروان )، المطبوع بسوسة، سنة\ 1911 ويحتوي على اربعة اقسام القسم الأول كان مدخلا تاريخيا يبدأ او يتّصل بالفتح وأوّل الوافدين من قوّاد الجيش العربي والمؤسّسين للحكم العربي بإفريقية والقسم الثاني يتعلّق بالمعمار، بينما يتناول القسمان الأخيران تراجم الأعلام المدفونين بالمقابر الشهيرة في القسم الثالث . ومن هم مدفونون داخل السور في القسم الرابع. ويختم الكتاب بما سماه :
(( النّشيد الوطني)) لتلاميذ المدارس .
وقد حقق من خلال تاليفه لدليل القيروان لنفسه رغبتين ما انفك يسعى إليهما ويجلّيهما في كل ما يكتب :
الأولى إبراز حبّه القوي لمدينته القيروان واعتزازه بتاريخها وأمجادها .
والثانية إفصاحه عن منزعه الإصلاحي .
لقد انخرط صالح سويسي في الحركة الإصلاحيّة السّلفية كما بينت سابقا وكان لا يفوّت على نفسه فرصة الدّعوة إلى مبادئها ومنهجها في تحليل أوضاع العالم الإسلامي والتفكير في حلول لمشاكله القائمة . وقد يستغرب القارئ من جرأته حين يقف شاخصا ناقدا السّلطة السياسية ورجال الدّين ويستطرد من حين لآخر لتصويب سهامه ونقده اللاذع إلى جمعية الأوقاف مثلا والأغنياء المترفين الذي لا يحسّون بجوع الفقراء من الشعب او بفواجع اليتامى والمساكين كما سمّاها.
إنه يؤمن بأن علماء السّلف لم يكونوا متشدّدين في الدّين ، وأنّهم كانوا حريصين على مصالح الناس وأنهم ( كانوا يقولون الحق ويموتون عليه ).
وقد نشأ صالح سويسي ويتمه المبكر نسبيا ، إذ فقد أباه سنة\ 1886 وهو في الخامسة عشرة من الأسباب التي رققت قلبه على اليتامى بالخصوص ، فسخّر قلمه لاستعطاف ذوي اليسار عليهم وعلى سائر البؤساء حتى خيّم على آثاره جوّ من الحزن والكآبة لكثرة ما خاض في هذا الغرض.
مرض في اخريات حياته فوافاه الاجل في مدينة القيروان التونسية وهي مسقط راسه سنة \1941.
صالح السويسي القيرواني رجل عاش بالأدب وللأدب واستطاع- رغم رقّة حاله – أن يرفع صوته بالدّعوة إلى الإصلاح والنهضة ويسخّر قلمه لغايات نبيلة ويحقّق نجاحا لا بأس به بالنّظر ألى ظروف عصره وأحوال جيله وطبيعة تكوينه. انه اديب و شاعر وكان ظريفاً حاضر النكتة يعد في اوائل من طرقوا الموضوعات الاجتماعية والوطنية
من ادباء تونس.
يقول في احدى قصائده :
قَوِّض رِحالَك عَن أَرضٍ تُضامُ بِها 
فَالضَيمُ إِن دامَ نَفسُ الحُرِّ يَرديها
وَاِسكُن بُيوتاً إِذا راقَ المُقامُ بِها 
َاِمكُث وَإِلا خَفيف الحَمل يَطويها
كان يعيش بأدبه و يتكسّب بشعره لا على أبواب الأمراء كما كان الشّعراء يفعلون بل حتّى لدى عامة الناس . أدرك في هذه المجاهرة بالنقمة والغيظ من المخاطرة والجرأة.
اما اثاره الا دبية له العديد من ألاعمال منها:
الهيفاء وسراج الليل
دليل القيروان. 
منجم التبر في النظم والنثر
والجامع اليتامي 
زفرات الضمير
ديوان صالح السويسي القيرواني
سوق البلا ط
ومن جميل قصائده هذه القصيدة \
شهم حوى في سبيل الله رضوانا
قد خاض من بأسه في الحرب ميدانا
هيا أحملوني إلى نحو (الهلال)
فما أبغي عن الحرب إحجاما وسلوانا
ولا أبالي إذا ما صرت منجرحا
فان لي من رضا الرحمن غفرانا
ولست أسال عن أهلي وعن ولدي
إذا وجدت بأهل الدين إحساناً
هذا الدواء أتى من معشر شهروا
بين الكرام وأقوى الناس إتمانا
لا تبخلوا في اكتتاب (الهلال) بدا
فسوف يصلي بخيل القوم نيرانا
إن اليتامى وجرحى الحرب كلهم
يدعو لنا ذلكم سراً وإعلانا.
.
اميرالبيــــــــــــان العربي
د.فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلــــــــد روز
*********************

إرسال تعليق

 
Top