GuidePedia

0

الكاتب / عمرو محمد عبدالوهاب
( الذنب )
 يحاول أن يهرب من نظرات الناس التى ترمقه كنصال تمزق ما تبقى منه من إنسان ، و عينيه تخبرهم أنه لم يكن هو الوحيد المسئول عما حدث ، و أن الكارثة ليست فيه هو بل فى الآخرين الذين أقنعوه بأنه على صواب دوماً و كأنه الإله الذى لا يخطئ . 
 يلف المكان صمت قاتل يحاول أن يحرك لسانه بصعوبة و كأنه يحرك صخراً ثقيلاً وضع بدلاً من لسانه ليبرأ نفسه ، و لكن كيف ؟! لقد آمن الجميع أننى أنا الظالم ، و أننى الجانى ، و أننى كل شئ سيئ يمكن أن يصادفك فى حياتك .
 يحاول الخروج من الزنزانة التى وضع نفسه فيها إجبارياً و ليس اختيارياً ، تلك العزلة التى فرضها على نفسه حتى يهرب من أسئلة الكثيرين التى لا تخلو من اللوم و الاتهام و الانتقام ، و هل كنت بالفعل بهذه البشاعة ؟! أم أننى زج بى رغماً عن أنفى فيها لأصبح جزءاً من نظامٍ يحاول البقاء ععلى حساب كل دين و خلق و قيم ، بل على حساب إنسانيته نفسها التى قتلها بيديه حتى لا توقظ أى شعور و إحساس لديه ، فيرتكب جرائمه بدمٍ باردٍ لا يكاد يرتجف له جفن .
 آهٍ ثم آهٍ ثم آآآآآآه من عقدة الذنب التى تطاردنى ليل نهار . ليتهم حاكمونى على كل ما فعلت لكى ترتاح نفسى و يسكن ضميرى ، و لكن ما أقسى أن يتركوك لنفسك هى التى تحاكمك و تجلدك فى كل ساعة ، و فى كل لحظة . و من ضميرٍ لا يكاد يسكن حتى يشعل بداخلك ناراً لا تنطفئ أبداً . حتى فى نومى لا أرى فيه إلا وجوه كل من عذبتهم و شردتهم باكية بائسة يائسة ينظرون إلى بنظرات تسائل و حساب و عتاب ، كأنها رصاصاتٍ تسكن فى صدرى لتقتلع ذلك القلب القاسى الذى لا يرحم ، و لا يشفق على أحدٍ ، و لم يرحم توسلات بائسة لضعفاء مساكين .
 حتى فى خلوتى و سجنى كلما سمعت طرقاتٍ لخطواتٍ تقترب لتشق صمت الليل الحزين أحسبه ملك الموت جاء ليقبض هذه الروح الشقية التعسة ، لأحاسب على كل كبيرة و صغيرة ، عن كل الآلام و الأحزان و الدماء التى اقترفتها طوال حياتى ، و سببتها للمئات بل الآلاف دون أن أدرى .
 فهل هذه توبة لذنب ؟! أم أنه مجرد هلوسات لرجلٍ عظيم كان ذو قوة و نفوذ ثم زال عنه سلطانه ؟! أم هما الإثنين معاً ؟! لا بل إنه الذنب ... الذنب ... الذنب .

إرسال تعليق

 
Top