رؤية نقدية للدكتور أحمد أبو المجد الناقد الأدبي عن رواية كرامة من زجاج للأديب عصام قابيل *********************************************************
بين بداية كرامة و نهايتها عندما قرأت للأديب عصام قابيل رواية العذراء و
التي كانت بوابتي لعالمه علمت ان بجعبته الكثير و الكثير و هذا بالفعل ما
تأكدت منه مع مرور الوقت و تأكدت ايضا من شيء اخر الا و هو اختلاف المحتوي
الأدبي و تميزه عن ما عهدناه و عن ما هو شائع حاليا و متداول و لكنه لم يكن
ابدا مملا , علي العكس من ذلك ظل الكاتب حتي لحظة
كتابة هذه السطور يتحري التشويق في رواياته و يطعمها بالمفاجآت الغير
مستهلكة بالمرة و لعل رواية كرامة من زجاج من اروع الأمثلة التي يضرب بها
الكاتب لقرائه علي صحة ما أقول و الذي سأبينه ببعض التفصيل . بداية الرواية
قد تجذب ذهن القاريء و قد حدث معي الي انها تماثل احداث فيلم قديم معروف
فيجد القاريء مثلما وجدت ان الحبكة مختلفة تماما ناهيك بالطبع عن الرسالة
التي تحملها الرواية , الموقف غريب و ابطاله هويدا الابنة الجميلة و التي
تربت علي ايدي اب و ام يحبانها و يعاملنها كما يجب ان يكون الحب و الرحمة
منهما , الأب لم يفرض عليها شيئا من قبل و ان كان قد فرض الزواج علي اختها
الكبري و لم تتوقع ان يحدث لها نفس الشيء بدون مقدمات علي عكس اختها فتجد
نفسها امام صقر الذي يعرفه ابوها بأنه زوجها و قد انتهي الأمر ولا قرار لها
فيه . اترك احداث الرواية بعد هذه النقطة للقاريء ليستمتع بها دون ان اكشف
له اي من المفاجأت التي هي قوامها فأفسد عليه متعة القراءة و اذهب الي
الشخصيات الرئيسية و التي انكشف لنا منها ثلاثة حتي الأن هويدا و هي فتاة
جميلة حرة لا تقبل بأن يفرض عليها شيء و والدها و هو رجل حازم مهيب لا يرفض
له طلب ولا يعصي له أمر , و صقر و هو المؤثر الرئيسي في الرواية و الذي
تتذبذب بسببه العلاقات بين افراد الأسرة الواحدة من الأم و الأبن قاسم و
الشقيقة الكبري مع الأب فنجد صراعا محتدما و احداثا متسارعة حتي مشهد
النهاية المؤثر و الذي يتخلص في عنوان الرواية المبتكر . هنا اجد نفسي
مرغما بعد ان احيي الأديب علي رائعته ان اجزم له ان من سيقرأ الرواية
سيتمني لو كانت طالت أكثر بكثير و ان القاريء بطبعه نهم للتفاصيل و ان
الحالة الجميلة التي عرضها كانت تستحق مئات الصفحات لم تكمل منهم واحدة , و
اعود فأحيي التوجه الجميل الذي اتخذه في روايته و الذي تحول من صراع
للأجيال الي تكاتف من أروع ما يكون . يظهر الجانب الديني مشرقا في فهم
هويدا لموقفها الشرعي و تعاملها من منطلق هذا الفهم و كذلك في تعامل
العائلة ككل مع ما يدعو للجزع أو للسرور و ان كان سيبدوا للبعض مبالغا فيه
فقلما يسجد الناس في عصرنا الحالي لله شكرا عند الفرح اللهم الا عند الفرح
بهدف في مرمي الفريق المنافس و هو فعل مبالغ فيه فيما يخص الرياضة بالطبع و
اعود هنا الي طلبي من المؤلف ان يتحف القاريء بالمزيد من التفاصيل التي من
الممكن ان تمهد لمن لا يستسيغ المشهد الا في مباريات الكرة ان يفعل هنا و
يكون المعني كحبات المطر التي تتمكن بالتتابع من الوصول الي قلوب الكثيرين
ممن اسبغت الحياة المادية التي نحياها جميعا قسوتها علي قلوبهم . اذن فنحن
امام ابداع جديد جميل من كاتب اديب مبتكر غير مقلد لأحد ينحت لنفسه مدرسته
الخاصة و التي نتابعها بشغف و سنظل نتابعه و هو يبني لنفسه صرحا ادبيا من
ذهب و ليس أبدا – ان شاء الله تعالي – من زجاج . #دكتوراحمدابوالمجد
إرسال تعليق