GuidePedia

0

قصيدة (حلبُ الإباء) من البحر الوافر:

وواأسفى على حلبٍ ودهرٍ -------قَضينا في مغانيها تَولّى

وزرنا القلعةَ الشّهباءَ فيها --------وقد كانتْ لآسادٍ مَحلّا

بَنَوا للمجدِ فيها كلَّ صَرحٍ ---------وكانَ لهم بهِ القدحُ المُعلّى

بني حمدانَ قد بَلَغوا الثّريّا --------بسيفِ الدّولةِ المحمودِ فعلا

عليٍّ سيّدِ الأمراءِ طُرّاً ---------بفَضْلِ جهادِهِ الزّاكي الْمُحلّى

أميرٌ بَزَّ أقرانَ المعالي ----------بأخلاقٍ زَهَتْ كَرَماً ونُبْلا

ورَدّ جحافلاً للرّومِ عتها ----------وما نالوا مِنَ الأسلامِ نَيلا

وفي حلبٍ صلاحُ الدّينِ أرسى -----قواعدَ للتّمكّنِ ليسَ تَبلى

فليسَ لأمّةِ الأسلامِ عزٌّ --------سوى الأسلامِ تَشريعاً وفَصْلا

وليسَ لها لتَمكينٍ سبيلٌ ---------إذا لم تَرضَ بالأرواحِ بَذْلا

وليسَ لها لتَمكينٍ سبيلٌ ---------إذا ضنّتْ بِبَذلِ المالِ بُخْلا

ومِنْ حلبٍ لفَتحِ القدسِ نادى ------صلاحُ الدّينِ عزماً قد تَجلّى

فيا للعزمِ ليسَ لهُ نظيرٌ --------ولم تعرفْ لهُ العَزماتُ مِثلا

فجاءَ الفتحُ بعدَ اليأسِ مِنهُ -------وظنّهِمُ زمانُ الفَتحِ ولّى

وللتّاريخِ في حلبٍ فصولٌ -------سحابُ المَجدِ عنها ما اضْمَحلّا

رواها الدّهرُ قَرناً بعدَ قرنٍ -------مآثرُ لم تزلْ للفخرِ أهلا

ولكنْ سنّةُ القهّارِ تجري --------بنا وكفى بهِ حَكَماً وعَدْلا

وللأقدارِ من حلبٍ نصيبٌ -------فقد نَزلَ البلاءُ بها وحَلّا

رماها بالخُطوبِ وبالرّزايا -------طواغيتٌ أذاقوا الْشّامَ ويلا

نَسُوا للهِ حِكمتَهُ تعالى --------وظنّوا خَلْقَهُ عَبَثاً وهَزْلا

أهانُوا خَلْقَهُ واسْتَعْبدوهم -------وسامُوا عيشَهم خَسْفاً وذُلّا

طغاةٌ أنكروا للشّعبِ رأياً -------وأنّ لهم معَ الحُكّامِ قَولا

وممنوعٌ عليهم أنْ يقولوا -------على أقوالِهمْ في الرّدِّ كَلّا

فلمّا أمْعَنُوا الإذلالَ فيهم --------وصارَ العيشُ ممقوتاً مُمِلّا

ونادى الشّعبُ بالتّغييرِ حتماً ------لطاغٍ مُستَبدٍّ ليسَ إلّا

تَمادَوا في ضلالتِهم وظنّوا ------سبيلَ القمعِ والتّرهيبِ حَلّا

فصَبّوا جامَ غضبتِهم عليهم ------مجازرَ لم تَذَرْ شيخاً وطفلا

فَمِنهم مَنْ قضى رعباً وهَولا ----وَمِنهم مَنْ قضى حَرقاً وقَتلا

وقصفٍ طالَ كلَّ الشّامِ حِقداً -----وأحرقَ أرضَها جبلاً وسَهلا

جرائمُ أذهَلَتْ حتَى الأعادي ----فما سَمعوا بها في النّاسِ قَبلا

فخابَ الظّنُّ فيما أمّلوهُ -------وذاكَ الظّنُّ منهم كانَ جَهلا

فما شعبُ الشّأآمِ بمستكينٍ ------وإنْ جعلوهُ بالأتّونِ يَصلى

فليسَ لثائرٍ أبدا رجوعٌ -------وقد خاضَ الصّعابَ ولم يَملّا

وقد قاسى مِنَ الإهوالِ أمراً -----لَوَ انّ الهَولَ قاساهُ لَكَلّا

وما حلبٌ عليها من سبيلٍ ----فكمْ سَدّتْ بوجهِ الرّومِ سُبْلا

وما كانتْ وإنْ عَظُمَتْ خُطوبٌ --لِترضى أنْ تُباحُ وتُسْتَحَلّا

وليسَ لنجمِها أبداً أفُولٌ ------وكيفَ وقد على حلبٍ أطَلّا

فيا حلبَ الإباءِ إليكِ أهدي -----سلاماً مِنْ هواكِ العَذْبِ أحلى

المهندس خليل الدولة


إرسال تعليق

 
Top