( النقد الادبي )
يسرني ان اقدّم هذا المقال ... لما له من فائدة ...
تعتبر غذاء ادبي لهواة الكتابة ... وذكرى للخبير ...
فجعلته مبسطا ً وبتصرف ... يعين على فهم عملية النقد الادبي ..
وكيفية تعامل الناقد مع الطرف الآخر ...
الموضوع ... ذو تشعبات وعناصر كثيرة ومتشابكه
قد يتيه القاريء بين دهاليزها ... لما يحمل من تصورات وثقافات
ورؤى نقديه متباينه قديما وحديثا ...
لكنها تصب في قدح واحد وهو ... تقييم وتقويم العمل الأدبي للهواة
المبدعين والكتاب الكبار المحترفين ...
لذا .. حاولت اختصار الفكرة وصهرها ... وقولبتها في قالب بسيط
محدد يفي بالغرض للجميع .. والله الموفق .
النقد لغة ً :
نَقَدَ: ( فعل )
نقَدَ .. يَنقُد .. نَقْدًا .. فهو ناقد .. والمفعول : مَنْقود
نقَد الشّيءَ : بيَّن حسنَه ورديئه .. أظهر عيوبه ومحاسنه
نَقَدَ الدَّنانير : مَيَّزَهَا .. نَظَرَ فِيهَا لِيَعْرِفَ جَيِّدَهَا مِنْ رَدِيئِهَا
والنقد عملية تطوير وصقل لقدرات وقابليات الطرف الاخر
بحيث لاتكون وسيلة لأسقاط الاخر او التشهير به ...
بل ابراز كل ماهو ايجابي ... ثم استخلاص المحاور والنقاط
التي تحتاج الى توجيه وبناءٍ وتقويم ..
ان عملية النقد ... تقف امام محورين لاثالث لهما ..
الفكرة .. وصاحبها ...
فأنقد الفكرة بجدارة وتميّز واحترام ... كي لاتفقد المحور الآخر ...
وهو صاحب القكرة والنص ...
ويجب بذل المجهود الكبير لتقديم الافكار الصحيحه والبنّاءة ...
كي نجعل من الطرف الآخر .. عنصرا فعّالاٌ .. ايجابياً .. قادراً على العطاء
والانتاج والتطور نحو الافضل ...والنقد الأدبي يختلف عن
كل العلوم التجريبية مثل :
(الفيزياء والكيمياء والرياضيات والحياة والارض ..)
حيث أن قواعد النقد الادبي .... ليست حقائق وبديهيات وقوانين
علمية ثابتة ... بل هي حقائق وجدانية ... تسمح
بوجود فروق محدودة وبسيطه بين ناقد وآخر. فمثلا ....
لو أعطينا عملا أدبيا واحداً ... لمجموعة من النقاد الموضوعيين
والمتخصصين ومن ذوي الخبرة والموهبة ... فنقدوه ...
لوجدنا نقدهم متشابها .... والفروقات في ذلك محدودة وبسيطة
وهامشية .. والسبب في ذلك .. هو الفروق الدقيقة في الأذواق ...
ويكون حُكم النقّاد في النقد الموضوعي متماثلة أو متقاربة .
والنقد البنّاء والموضوعي ... هو النقد الذي يصدر عن دراسة
وتمحيص وتحليل ... يلتزم بها الناقد ... حيث انه يسلك
منهجا معينا ,ويطبّق القواعد التي أتفق عليها
عدد من النقاد .. ويضع خبرته وموهبته و ذوقه وعقله وثقافته الفنية
والعامة في بوتقة واحدة .... كي يخرج بحصيلة واضحه ومفهومة
مستساغة لدى الطرف الاخر ..
والنقد الموضوعي ... يعتبر الدُعامة الحقيقية لأسناد العمل
الادبي والارتقاء به ....
وهو الدليل على التقدم الأدبي والحضاري.... لأنه يعتمد على
الدراسة والتحليل ...
ويتميز بطريقة المناقشة والاحتجاج ... لكي يقنعنا بأحكامه ...
وهو الذي يساعد الأدباء على تحسين إبداعهم ....
ويساهم في تطوير الأدب ... ويرتقي بأذواق القرّاء.
والنقد .. دليل يهدي المبدعين المبتدئين والكتاب الكبارالى معرفة ..
مواطن الجمال ومواطن القبح ... عن طريق التقييم والتقويم ...
ويفرز الجودة من الرداءة .. ويبعد الكاتب عن التكلف والتصنع في
الأساليب والقدرات .. وعن طريق النقد ...
يستطيع الكاتب ان يتعرف على آخر النظريات النقدية والتصورات
الفلسفية والجمالية الابداعية ... ويفتح لهم آفاق التجديد ويبعدهم
عن التقليد الاعمى ..
ولِكيّ يكون النقد بناء ....لابد أن تكون هناك درجة من التواضع
والاحترام للآخرين ...
واحتمال أن يكون الصواب مع الآخرين والخطأ معك. فالناقد لا يمكن
أن يملك الحقيقة المطلقة دائماً .... فإن كان مصيبا في تحليل وتقدير ما .....
لا يعني انه مصيبا في القرارات الاخرى ..... والحق لن يُقبل ...
إذا كان مصحوباً بتعالي وازدراء للآخرين فالكل يظن أنه يملك الحقيقة .
لذا على الناقد ... فقط تقديم النقد البنّاء والهادف ....
وقد اعجبني بعض النقاد حيث يقول :
(من كمال العقل والتعقل الا تنشغل عن نفسك بالبحث وتتبع أخطاء
الاخرين ... فكم من شخص ينتقد شخصا ويكون الطرف المنقود.....
له علم وله حجة فيما يكتبه ويقوله ... وقد لا يحتاج الموضوع إلى
نقد بل مجرد استفهام أواستيضاح للمسألة المطروحة)
النقد البنّاء ايها القرّاء الأعزاء ....
مفهوم يحتاجه الكل ... والكل يميل اليه
والقليل من يتقن فنونه وآدابه
اذاً ... ماهو النقد ؟
هو (نقد) التعبير المكتوب أو المنطوق من قبل متخصص يُطلق عليه اسم (ناقد)
ويتم تبيان سلبيات وإيجابيات أفعال أو إبداعات أو قرارات ...
كيفية النقد ... ؟ وماهي سمات الناقد .. ؟
1- على الناقد ان يتمهل ويتريث قبل البدء بالنقد ... وان يستطلع النص بهدوء
للكشف عن مواطن النقد .. كي لايتصف النقد بالعشوائيه .
2 - على الناقد ... الابتداء في الشكر والمدح والثناء والاطراء لصاحب
النص او الفكرة او الموضوع الذي يروم او ينوي نقده ....
فمجرد قيام الشخص بكتابة نص او طرح فكره وعرضها ....
هو امر يستحق الاشادة ... والاحترام .... ... حيث ان ماقدمه من مجهود ..
هو خلاصة لقناعته الخاصة التي يعتقد هو انها مفيده للكل .
3- ان يبتدأ الناقد بالملاحظات والافكار الايجابيه ... ويكيل المديح والثناء ...
وان يختار من الكلمات اعذبها ... لانها حق مطلوب .. ثم الانعطاف
حول الافكار التي قد وضعها الناقد نصب عينيه لتكون هدفه في
التحليل والنقد البنّاء .. وبذلك يكون الناقد قد وضع اللبنة الاولى
للارتقاء بمستوى النقد .. ليجعل من الطرف الاخر ..
شخصا مقبلا عليه قلبا وقالبا .
4- أن يكون (الناقد) ذو علمٍ ودراية في المسألة المنقودة كي
يقوم بالنقد عليها ... وان تعتمد رؤاه وبنود نقده بالعلم ...
وليس على التخمينات أو مجرد وجهات نظر..
فهناك فرق بين وجهة النظر وبين النقد العلمي البناء.
5- عند الاشكال على الناقد .. في نصٍ ما ...لابأس ان يستوضح
ويستفهم .. مِن صاحب النص عن الفكرة التي جعلته يكتب
هكذا نص .. لعله يمتلك علما وتوضيح زيادة على ما عند الناقد .
6- لابد أن يعرف الناقد ... المستوى العلمي للشخص المنقود
أو فيما يكتبه ... كي يتعامل معه بالطريقة التي تناسب منزلته ومكانته .
7- على الناقد .. ان يبحث عن نقاط الاتفاق والتطابق جهد الامكان ...
حيث تجعل كاتب النص ينظر الى الناقد باحترام وبجدية اكثر ..
متطلعا وملتزما بما يطرحه من نقد .
8- على الناقد ان يتقمص شخصية الكاتب اثناء البدء بعملية النقد البناء ..
والتعرف على مايصبو اليه الكاتب فيما يعرضه من افكار ..
كي يستطيع الناقد والمنقود الوصول الى هدف مشترك وغاية واحدة ...
وكثيرا ما تفشل عملية النقد ... وتنحرف عن الهدف المنشود ...
بسبب عدم فهم فكرة الموضوع ... او عدم تفهّم الطرف الآخر .
9- على الناقد ان يلتزم بأدب النقد ... وان يكون نقده ... للنص والفكرة ..
وليس للشخص ذاته ... وان لايبتعد عن الموضوعيه ... ولابأس ..
أن يوضح الناقد بأن النقد الذي يقوم به ... هدفه النص والفكرة
وليس الشخص بعينه ... مما يمهد لأرضية خصبه ... لتقبل عملية النقد .
10- على الناقد ان لايشكك في النوايا .. وان يبتعد عن الطعن في التوجهات .
11- على الناقد ان يُكثر من الكلمات التي تُهيء عقل الكاتب للأنتباه
والاستماع ... وتقبّل النقد .... مثلاً ..
انني كناقد اتفق معك في هذه الفكرة ...واتمنى لو كتبت كذا وكذا ....... الخ )
او ( انني احترم افكارك المطروحة ...واجد ان الفكرة لو كانت هكذا ......
اجدها افضل واكثر استحسانا ) وعلى الناقد ان يتجنب كلمة ( ولكن ) ...
فكلمة (ولكن) تثير ردة فعل مباشرة للمخاطب ... مثلا
( ان العبارة الكذائية ... جميلة وممتازة .. ولكن ........؟ )
عندما يقرأها الطرف الآخر .... يشعر بأنها تنتقص من قدراته الادبيه ..
مما يجعله يندفع نحو ردة فعل لا يتوقعها الناقد وقد تصل به الى
حد القطيعة والعزوف .. والسبب ... ان عقله الباطن يحذف كل العبارات
التي سبقت .. (ولكن) ... ويتبع ما يليها .بهذه الطريقه ..
انك تكتسب ذهن الكاتب وتجذبه اليك حتى تصبح ناقدا جاذبا لا نافرا .
12- على الناقد ان يكون شديد الحذر ... من ان يحوّل عملية النقد
الى معركة بين شخصين ... او تحويلها الى مفهوم الانتصار والهزيمه ...
او اغاضة الكاتب بكلمات او صفات الجهل وكأنه ارتكب جريمة بشعة ..
مما تؤدي الى فشل عملية النقد برمتها ..
13- على الناقد ....ان لا يكون هدفه إسقاط الآخرين أو إبراز ذاته من
خلال نقده.... وليعلم ... أنه من السهل جداً انتقاد الآخرين واكتشاف
الأخطاء وإبرازها.... ولكن من الصعب .... إكمال البناء وإتمام النقص وسد الثغرات.
14- على الناقد ان يبتعد عن الاخطاء البسيطة التي يقع فيها الكثير ...
فالكل خطّاءون ...وان لايجعل من نفسه مقتنص ومتصيد ...
لغرض عرض القوى وابتغاء الشهرة ...لانه بذلك يتحول من ناقد الى منتقد .
15- على الناقد ان يجد المبررات والاعذار لصاحب النص او الفكرة الخاطئة ...
ويوضح له .. ان ليس من العيب ايجاد مثل هذه الثغرات او الاخطاء
في النصوص .. ثم يبدا بتصيح ونقد الفقرات المطلوبه ... هكذا عمل ..
سيوفق التوجه النقدي للطرفين ويجعلهما في اشد حالات التماسك والتفاهم .
16- على الناقد .. ان يقوم بأيصال المعلومة المطلوبة او فكرة النقد ..
بأيسر الطرق واشوقها ... وتجنب الاصرار والغلو والتفرد ...
فالعقل البشري يميل الى الاقناع والاقتناع ... فالناقد ملزم بعرض
وايصال الفكرة والمعلومة ... وليس ملزماً باقناع الطرف الاخر ...
والاقناع يعتمد على خبرة الناقد ودقة عرضه وحرفيته .
وقد تكون جملة واحدة من خبير في النقد ... خير من وابل أفكار ...
لها اول وليس لها آخر .... حتى تحس انك في مضيعة من
المفردات والجمل الطنانة والرنانه والمفردات الجوفاء .
17- التمسك بالعدل والانصاف والدقه اثناء النقد .. لكي يكون اقرب للتقوى .
وان لا يكيل بمكيالين ... يمدح ذا .. ويذمُّ ذا ... كلٌ على هواه ... .
فلقد كتب اثنان من الاطفال كتابة ... وعرضاها على الحسن بن علي
بن ابي طالب (رضي آلله عنهما) وقالا له : أينا آحسنُ خطاً ....
وكان أبوه (علي بن آبي طآلب كرّم الله وجهه) حاضراً،
فقال له :أحكمْ بينهما بالعدل ، فأنه قضاء ....
(يقول عليّ انه قضاء .. وهما طفلين .. فكيف بنا الكبار ....)
نعم اخي الناقد انه قضاء ...
18- على الناقد ان لا يجامل على حساب الحق ... لان البناء
لايقوم على الأساس الخطأ.... لكن دون تجريح... او نسف الأفكار ....
او مصادرتها ... لمجرد خطأ بسيط ...
وتعويد صاحب النص على الصراحة وتقبل النقد الهادف البنّاء .
أن اختلافنا في وجهات النظر يعكس مزيجا من الافكار ..
التي تحاول قدر الامكان حل المشاكل بمنظور او بآخر..
وهذه الاساليب من شأنها ان تجعل اجواء الحوار اكثر زهواً وارتقاء ...
وتجعل الطرف الآخر يتقبل نقدك ... بل تجعله يتمنى مشاركتك
في موضوعه لكي تنقد افكاره ...
اما اذا حدث العكس ....
فسيقوم كلا الطرفين بالدفاع عن افكارهم حتى لو كانت خاطئة
وغير صائبة ويكون النقاش عقيم وغير مجدي ...
تقديري للجميع .............
...................................................
( كريم القاسم )
يسرني ان اقدّم هذا المقال ... لما له من فائدة ...
تعتبر غذاء ادبي لهواة الكتابة ... وذكرى للخبير ...
فجعلته مبسطا ً وبتصرف ... يعين على فهم عملية النقد الادبي ..
وكيفية تعامل الناقد مع الطرف الآخر ...
الموضوع ... ذو تشعبات وعناصر كثيرة ومتشابكه
قد يتيه القاريء بين دهاليزها ... لما يحمل من تصورات وثقافات
ورؤى نقديه متباينه قديما وحديثا ...
لكنها تصب في قدح واحد وهو ... تقييم وتقويم العمل الأدبي للهواة
المبدعين والكتاب الكبار المحترفين ...
لذا .. حاولت اختصار الفكرة وصهرها ... وقولبتها في قالب بسيط
محدد يفي بالغرض للجميع .. والله الموفق .
النقد لغة ً :
نَقَدَ: ( فعل )
نقَدَ .. يَنقُد .. نَقْدًا .. فهو ناقد .. والمفعول : مَنْقود
نقَد الشّيءَ : بيَّن حسنَه ورديئه .. أظهر عيوبه ومحاسنه
نَقَدَ الدَّنانير : مَيَّزَهَا .. نَظَرَ فِيهَا لِيَعْرِفَ جَيِّدَهَا مِنْ رَدِيئِهَا
والنقد عملية تطوير وصقل لقدرات وقابليات الطرف الاخر
بحيث لاتكون وسيلة لأسقاط الاخر او التشهير به ...
بل ابراز كل ماهو ايجابي ... ثم استخلاص المحاور والنقاط
التي تحتاج الى توجيه وبناءٍ وتقويم ..
ان عملية النقد ... تقف امام محورين لاثالث لهما ..
الفكرة .. وصاحبها ...
فأنقد الفكرة بجدارة وتميّز واحترام ... كي لاتفقد المحور الآخر ...
وهو صاحب القكرة والنص ...
ويجب بذل المجهود الكبير لتقديم الافكار الصحيحه والبنّاءة ...
كي نجعل من الطرف الآخر .. عنصرا فعّالاٌ .. ايجابياً .. قادراً على العطاء
والانتاج والتطور نحو الافضل ...والنقد الأدبي يختلف عن
كل العلوم التجريبية مثل :
(الفيزياء والكيمياء والرياضيات والحياة والارض ..)
حيث أن قواعد النقد الادبي .... ليست حقائق وبديهيات وقوانين
علمية ثابتة ... بل هي حقائق وجدانية ... تسمح
بوجود فروق محدودة وبسيطه بين ناقد وآخر. فمثلا ....
لو أعطينا عملا أدبيا واحداً ... لمجموعة من النقاد الموضوعيين
والمتخصصين ومن ذوي الخبرة والموهبة ... فنقدوه ...
لوجدنا نقدهم متشابها .... والفروقات في ذلك محدودة وبسيطة
وهامشية .. والسبب في ذلك .. هو الفروق الدقيقة في الأذواق ...
ويكون حُكم النقّاد في النقد الموضوعي متماثلة أو متقاربة .
والنقد البنّاء والموضوعي ... هو النقد الذي يصدر عن دراسة
وتمحيص وتحليل ... يلتزم بها الناقد ... حيث انه يسلك
منهجا معينا ,ويطبّق القواعد التي أتفق عليها
عدد من النقاد .. ويضع خبرته وموهبته و ذوقه وعقله وثقافته الفنية
والعامة في بوتقة واحدة .... كي يخرج بحصيلة واضحه ومفهومة
مستساغة لدى الطرف الاخر ..
والنقد الموضوعي ... يعتبر الدُعامة الحقيقية لأسناد العمل
الادبي والارتقاء به ....
وهو الدليل على التقدم الأدبي والحضاري.... لأنه يعتمد على
الدراسة والتحليل ...
ويتميز بطريقة المناقشة والاحتجاج ... لكي يقنعنا بأحكامه ...
وهو الذي يساعد الأدباء على تحسين إبداعهم ....
ويساهم في تطوير الأدب ... ويرتقي بأذواق القرّاء.
والنقد .. دليل يهدي المبدعين المبتدئين والكتاب الكبارالى معرفة ..
مواطن الجمال ومواطن القبح ... عن طريق التقييم والتقويم ...
ويفرز الجودة من الرداءة .. ويبعد الكاتب عن التكلف والتصنع في
الأساليب والقدرات .. وعن طريق النقد ...
يستطيع الكاتب ان يتعرف على آخر النظريات النقدية والتصورات
الفلسفية والجمالية الابداعية ... ويفتح لهم آفاق التجديد ويبعدهم
عن التقليد الاعمى ..
ولِكيّ يكون النقد بناء ....لابد أن تكون هناك درجة من التواضع
والاحترام للآخرين ...
واحتمال أن يكون الصواب مع الآخرين والخطأ معك. فالناقد لا يمكن
أن يملك الحقيقة المطلقة دائماً .... فإن كان مصيبا في تحليل وتقدير ما .....
لا يعني انه مصيبا في القرارات الاخرى ..... والحق لن يُقبل ...
إذا كان مصحوباً بتعالي وازدراء للآخرين فالكل يظن أنه يملك الحقيقة .
لذا على الناقد ... فقط تقديم النقد البنّاء والهادف ....
وقد اعجبني بعض النقاد حيث يقول :
(من كمال العقل والتعقل الا تنشغل عن نفسك بالبحث وتتبع أخطاء
الاخرين ... فكم من شخص ينتقد شخصا ويكون الطرف المنقود.....
له علم وله حجة فيما يكتبه ويقوله ... وقد لا يحتاج الموضوع إلى
نقد بل مجرد استفهام أواستيضاح للمسألة المطروحة)
النقد البنّاء ايها القرّاء الأعزاء ....
مفهوم يحتاجه الكل ... والكل يميل اليه
والقليل من يتقن فنونه وآدابه
اذاً ... ماهو النقد ؟
هو (نقد) التعبير المكتوب أو المنطوق من قبل متخصص يُطلق عليه اسم (ناقد)
ويتم تبيان سلبيات وإيجابيات أفعال أو إبداعات أو قرارات ...
كيفية النقد ... ؟ وماهي سمات الناقد .. ؟
1- على الناقد ان يتمهل ويتريث قبل البدء بالنقد ... وان يستطلع النص بهدوء
للكشف عن مواطن النقد .. كي لايتصف النقد بالعشوائيه .
2 - على الناقد ... الابتداء في الشكر والمدح والثناء والاطراء لصاحب
النص او الفكرة او الموضوع الذي يروم او ينوي نقده ....
فمجرد قيام الشخص بكتابة نص او طرح فكره وعرضها ....
هو امر يستحق الاشادة ... والاحترام .... ... حيث ان ماقدمه من مجهود ..
هو خلاصة لقناعته الخاصة التي يعتقد هو انها مفيده للكل .
3- ان يبتدأ الناقد بالملاحظات والافكار الايجابيه ... ويكيل المديح والثناء ...
وان يختار من الكلمات اعذبها ... لانها حق مطلوب .. ثم الانعطاف
حول الافكار التي قد وضعها الناقد نصب عينيه لتكون هدفه في
التحليل والنقد البنّاء .. وبذلك يكون الناقد قد وضع اللبنة الاولى
للارتقاء بمستوى النقد .. ليجعل من الطرف الاخر ..
شخصا مقبلا عليه قلبا وقالبا .
4- أن يكون (الناقد) ذو علمٍ ودراية في المسألة المنقودة كي
يقوم بالنقد عليها ... وان تعتمد رؤاه وبنود نقده بالعلم ...
وليس على التخمينات أو مجرد وجهات نظر..
فهناك فرق بين وجهة النظر وبين النقد العلمي البناء.
5- عند الاشكال على الناقد .. في نصٍ ما ...لابأس ان يستوضح
ويستفهم .. مِن صاحب النص عن الفكرة التي جعلته يكتب
هكذا نص .. لعله يمتلك علما وتوضيح زيادة على ما عند الناقد .
6- لابد أن يعرف الناقد ... المستوى العلمي للشخص المنقود
أو فيما يكتبه ... كي يتعامل معه بالطريقة التي تناسب منزلته ومكانته .
7- على الناقد .. ان يبحث عن نقاط الاتفاق والتطابق جهد الامكان ...
حيث تجعل كاتب النص ينظر الى الناقد باحترام وبجدية اكثر ..
متطلعا وملتزما بما يطرحه من نقد .
8- على الناقد ان يتقمص شخصية الكاتب اثناء البدء بعملية النقد البناء ..
والتعرف على مايصبو اليه الكاتب فيما يعرضه من افكار ..
كي يستطيع الناقد والمنقود الوصول الى هدف مشترك وغاية واحدة ...
وكثيرا ما تفشل عملية النقد ... وتنحرف عن الهدف المنشود ...
بسبب عدم فهم فكرة الموضوع ... او عدم تفهّم الطرف الآخر .
9- على الناقد ان يلتزم بأدب النقد ... وان يكون نقده ... للنص والفكرة ..
وليس للشخص ذاته ... وان لايبتعد عن الموضوعيه ... ولابأس ..
أن يوضح الناقد بأن النقد الذي يقوم به ... هدفه النص والفكرة
وليس الشخص بعينه ... مما يمهد لأرضية خصبه ... لتقبل عملية النقد .
10- على الناقد ان لايشكك في النوايا .. وان يبتعد عن الطعن في التوجهات .
11- على الناقد ان يُكثر من الكلمات التي تُهيء عقل الكاتب للأنتباه
والاستماع ... وتقبّل النقد .... مثلاً ..
انني كناقد اتفق معك في هذه الفكرة ...واتمنى لو كتبت كذا وكذا ....... الخ )
او ( انني احترم افكارك المطروحة ...واجد ان الفكرة لو كانت هكذا ......
اجدها افضل واكثر استحسانا ) وعلى الناقد ان يتجنب كلمة ( ولكن ) ...
فكلمة (ولكن) تثير ردة فعل مباشرة للمخاطب ... مثلا
( ان العبارة الكذائية ... جميلة وممتازة .. ولكن ........؟ )
عندما يقرأها الطرف الآخر .... يشعر بأنها تنتقص من قدراته الادبيه ..
مما يجعله يندفع نحو ردة فعل لا يتوقعها الناقد وقد تصل به الى
حد القطيعة والعزوف .. والسبب ... ان عقله الباطن يحذف كل العبارات
التي سبقت .. (ولكن) ... ويتبع ما يليها .بهذه الطريقه ..
انك تكتسب ذهن الكاتب وتجذبه اليك حتى تصبح ناقدا جاذبا لا نافرا .
12- على الناقد ان يكون شديد الحذر ... من ان يحوّل عملية النقد
الى معركة بين شخصين ... او تحويلها الى مفهوم الانتصار والهزيمه ...
او اغاضة الكاتب بكلمات او صفات الجهل وكأنه ارتكب جريمة بشعة ..
مما تؤدي الى فشل عملية النقد برمتها ..
13- على الناقد ....ان لا يكون هدفه إسقاط الآخرين أو إبراز ذاته من
خلال نقده.... وليعلم ... أنه من السهل جداً انتقاد الآخرين واكتشاف
الأخطاء وإبرازها.... ولكن من الصعب .... إكمال البناء وإتمام النقص وسد الثغرات.
14- على الناقد ان يبتعد عن الاخطاء البسيطة التي يقع فيها الكثير ...
فالكل خطّاءون ...وان لايجعل من نفسه مقتنص ومتصيد ...
لغرض عرض القوى وابتغاء الشهرة ...لانه بذلك يتحول من ناقد الى منتقد .
15- على الناقد ان يجد المبررات والاعذار لصاحب النص او الفكرة الخاطئة ...
ويوضح له .. ان ليس من العيب ايجاد مثل هذه الثغرات او الاخطاء
في النصوص .. ثم يبدا بتصيح ونقد الفقرات المطلوبه ... هكذا عمل ..
سيوفق التوجه النقدي للطرفين ويجعلهما في اشد حالات التماسك والتفاهم .
16- على الناقد .. ان يقوم بأيصال المعلومة المطلوبة او فكرة النقد ..
بأيسر الطرق واشوقها ... وتجنب الاصرار والغلو والتفرد ...
فالعقل البشري يميل الى الاقناع والاقتناع ... فالناقد ملزم بعرض
وايصال الفكرة والمعلومة ... وليس ملزماً باقناع الطرف الاخر ...
والاقناع يعتمد على خبرة الناقد ودقة عرضه وحرفيته .
وقد تكون جملة واحدة من خبير في النقد ... خير من وابل أفكار ...
لها اول وليس لها آخر .... حتى تحس انك في مضيعة من
المفردات والجمل الطنانة والرنانه والمفردات الجوفاء .
17- التمسك بالعدل والانصاف والدقه اثناء النقد .. لكي يكون اقرب للتقوى .
وان لا يكيل بمكيالين ... يمدح ذا .. ويذمُّ ذا ... كلٌ على هواه ... .
فلقد كتب اثنان من الاطفال كتابة ... وعرضاها على الحسن بن علي
بن ابي طالب (رضي آلله عنهما) وقالا له : أينا آحسنُ خطاً ....
وكان أبوه (علي بن آبي طآلب كرّم الله وجهه) حاضراً،
فقال له :أحكمْ بينهما بالعدل ، فأنه قضاء ....
(يقول عليّ انه قضاء .. وهما طفلين .. فكيف بنا الكبار ....)
نعم اخي الناقد انه قضاء ...
18- على الناقد ان لا يجامل على حساب الحق ... لان البناء
لايقوم على الأساس الخطأ.... لكن دون تجريح... او نسف الأفكار ....
او مصادرتها ... لمجرد خطأ بسيط ...
وتعويد صاحب النص على الصراحة وتقبل النقد الهادف البنّاء .
أن اختلافنا في وجهات النظر يعكس مزيجا من الافكار ..
التي تحاول قدر الامكان حل المشاكل بمنظور او بآخر..
وهذه الاساليب من شأنها ان تجعل اجواء الحوار اكثر زهواً وارتقاء ...
وتجعل الطرف الآخر يتقبل نقدك ... بل تجعله يتمنى مشاركتك
في موضوعه لكي تنقد افكاره ...
اما اذا حدث العكس ....
فسيقوم كلا الطرفين بالدفاع عن افكارهم حتى لو كانت خاطئة
وغير صائبة ويكون النقاش عقيم وغير مجدي ...
تقديري للجميع .............
...................................................
( كريم القاسم )
إرسال تعليق