GuidePedia

0

آخر قصيدة كتبتها في الجزائر قبل بدء غربتي الممتدة



 
بِــي مِـن صـدودِكِ يـا سـعادُ كُـلومُ
ربـضَـتْ بـقـلبٍ عـنـكِ لـيـسَ يَـريـم

دلـلّـتُـهـا مــثــلَ الـطـفـولةِ غــضـةً
راعــــى شـمـائـلَها الـلّـطـافِ رَؤوم

وحــبـسـتُـهـا بــجــوانــحٍ رفّـــافـــةٍ
خــفَّــاقـةٍ.. بـالـمـوجـعـاتِ تَــهــيـم

أدْمـنْـتُ جُـرحـي كـلُّ شـوقٍ دونَـه
لــيــلٌ يــلــفُّ الأصــغـرَيْـنِ، بَـهـيـم

تَـغـفو مـعـاناتي، فـإنْ عَـصفَتْ بـها
نـسـماتُ هـجـرِكِ يــا سـعادُ تَـقوم

يــا حـبَّـذا الألــمُ الـكـبيرُ يُـضِـيعني
بِــمـهـامِـهٍ.. أحــجــارُهـنّ نُــجــوم!

فـأهـيمُ فــي قـلـبي أجـوبُ دروبَـهُ
عَـلـيّ أعـيـشُ هــواكِ حـينَ أَهـيم

أسـتـمطرُ الأحــزانَ، أهــوى نـوءَها
فـتـسحُّ مِــن فـيـضِ الـجراح غُـيوم

مـــا الــحـبُّ إلاَّ خـافـقـانِ: مـعـذِّبٌ
ومـــعـــذَّبٌ بــشـجـونِـه مَـــحْــروم

دنـيا مِـنَ الـحُزن الـشفيفِ، عـوالمٌ
نـشـوى الـجـمالِ، رحـيقُها مـختومُ

الـحـبُّ دونَ الـوصـلِ قـاع صـفصفٌ
والـحبُّ مِـن غـيرِ الصُّدودِ.. جَحِيم

فَصِلِي سعادُ وأعْرِضي، فهواكِ كالــ
ــــقَــــدَرِ الــمُـلازمِ، حَـمـلُـه مَـحـتُـومُ

عُـمري بـدونِ هـواكِ أفْـقٌ مُـوحِشٌ
رانَـــــتْ عــلــيـهِ رتــابــةٌ وَوُجــــوم

رسْـــمٌ عـلـيـهِ مــنَ الـنَّـعيمِ بـقـيَّةٌ
لـــو كُـشِّـفَتْ عـمّـا تُـجِـنُّ رُســوم

عُـمـري بــدون هـواكِ.. أيُّ مـواجعٍ
تَـجـتـاحُني، وتــثـورُ فــيَّ هُـمـوم!!

أنــا أنــتِ، خـالـصةُ الـوفاءِ تُـشيعُنا
لـحـناً عـلـى شـفـةِ الـوجود يَـحوم

*************************

آهٍ ســعــادُ، ومـــا الــتـأوّهُ نـافِـعـي
والــقــلـبُ دامٍ جُــرحُــه، مــكـلُـوم

لـــو كـــانَ خـصـمـاً واحــداً نـازلـتُه
لــكــنَّـهـمْ والَــلْــفــؤادِ خُـــصـــوم!

صــــدٌّ يُــؤَرِّقُـنـي.. ونــفْـسٌ حُـــرَّةٌ
وعـــــواذلٌ.. ومـــقــادرٌ.. وغَـــريــم

هــــمٌّ تَـعَـقَّـبَـني، فــــإنْ غـافـلـتُـه
يــسـكـنْ فُـــؤادي.. إنَّـــه لـظَـلـوم

قـلـبي عـدمْـتُكَ إن شـكوتَ، فـإنَّما
يَـشـكـو الـمـواجـعَ خــائـرٌ مــهـزوم

مـــا أنـــتَ إنْ رُوِّعْـــتَ إلاَّ مُـضْـغَـةٌ
قــدْ عــاثَ فـيـها الـذّعـرُ والـتَّسليمُ

خـفـقـاتُكَ الــحَـرَّى سـأخـمدُها إذا
أحـسـستُ جـبنَك، والـجبانُ نَـموم

شـرفُ الـمحبَّةِ في الإِباء، فإن تجِدْ
وَقِــــحَ الــفــؤادِ فـحـبُّـه مــزعـوم!!


يـا واحـةَ الألمِ الخصيبِ وفي دمي
طـلـعُ الـنـخيلِ الـبـاسقاتِ هـشيمُ

لألاءُ أيّــامــي الــحِـسـانِ يُــزيـحُـه
مَـسْـخٌ مــن الـغَـمّ الـثَّـقيلِ مُـقيم

يُـــذوي ورودَ الـعـمـرِ وَهْـــيَ فَـتِـيَّةٌ
الــقـاتِـلان: «الــقـصـرُ» والـتـعـليمُ

(بـلـدي وإنْ جــارتْ عـلـيَّ عـزيـزةٌ)
لــكــنَّــهـا لــلــمُـدّعـيـنَ لَــــمُـــوم

مِـنْ كـلِّ ذي عَـيٍّ، قُـصارى عِـلْمِه
فِـكـرٌ عـلـى سـقَـطِ الـمـتاعِ يَـقـوم

ظــنَّ الـهوى سِـلَعاً تـباعُ وتُـشْتَرى
فــغَــدَا مـــعَ الـمُـتَـهافِتينَ يَــسُـوم

تُـــؤذَى فـتـاةُ الـخِـدْرِ حـيـن يُـحِـبّها
نَـــذلٌ.. ويـخـطِـبُ ودَّهـــا مَـحـروم!

وربــيــبِ حِــــزبٍ غَــرْغَـرَتْ أيَّــامُـه
لـــم يُــجْـدِ فــي أطـلالِـهِ الـتَّـرميمُ

كــمْ عــاشَ يـلـتقطُ الـفُـتَاتَ بـظِلِّه
ولـــهُ يُـصـلّـي خَـمْـسَـه، ويَـصـوم

حــتَّـى إذا لَـمـعَتْ بــوارقُ مَـطـمَعٍ
أهـوى عـلى الـحزبِ الـقديمِ يَـلوم!

مُـتـمـلِّقٌ.. جَـــلَّ الـتـمـلُّقُ حـيـنَما
يُـحْـيِي عـظـامَ الــذُلِّ وَهْـيَ رَمـيم

يُـمـلي سـمـادِيرَ الـضَّـلالِ لِـسالكٍ
سُــبُــلًا، تَــعــرُّجُ خــطِّـهـا تَـقْـويـم

قـالوا: عـلى خـطِّ «الجِهادِ» طريقُنا
لــنْ يـسـكِفَ الـنّورَ الـمبينَ سَـدِيم

سـوّيـتُـهُمْ بِــيَـدي يـقـولُ كـبـيرُهُمْ
مـنّـي انـطـلاقُ الـشوطِ، والـتَّتْميم

قـلنا: ومَـنْ عـجَبٍ سـمِعنَا ذكـرَهُمْ
فــي حـين مَـنْ ولَـدَ «الجِهادَ» عَـقيمُ

**************************

إيـــهٍ ســعـادُ، أرى عـتـابَـكِ نِـعْـمةً
إنْ قِــيـسَ بـالـعَـتْبِ الـرَّقـيقِ لَـئـيم

جُـــرحُ الأحــبَّـةِ نـفـحـةٌ قـدْسِـيَّـةٌ
أمَّــــا الـحـواسـدُ جُـرحـهُـنّ أَلــيـمُ

قَـــدرُ الـغـريبِ بــأنْ يـظـلَّ مُـهـاجرًا
لــلـنُّـورِ.. يُــــوري زَنْــــدَه تَـصـمـيم

قَــلِـقَ الـفـؤادِ، يَـئِـنُّ فــي جَـنَـبَاتِه
دُرٌّ عــلــى نَــكَــدِ الــزَّمــانِ يَــتـيـم

إنْ سِيمَ خَسْفا، قَلْقَلَتْ في صدرِه
هِــمَـمٌ لـهـا بـيـنَ الـضُّـلوعِ هَـزيـم!

قَـــدَرُ الـغـريبِ بــأن يُـعـاني، بـيـنَما
يَــجْـنـي الـثِّـمـارَ مُــدَجَّـنٌ ونَـــؤوم

هُـمْ فـي أمانِ السِّلمِ.. أيُّ كواسِرٍ
لـكـنَّـهـمْ، زمـــنَ الـلـقـاءِ.. حَــرِيـم!

إنْ قَـعْـقَعَتْ ذاتُ الـحِمامِ سـلاحَها
خَـفَّـتْ بـهـمْ حـتْـفَ الأُنـوفِ حُـلُوم

عُـقَـدٌ عـلـى عُـقَـدٍ، يَـشُـدُّ رِبَـاطَها
فَــطِـنٌ بِـمـكـنونِ الـنُّـفـوسِ عَـلـيم

نَـفَقَتْ بِـهم سـوقُ الـنِّفاقِ، يَـرُبُّهُمْ
غَــــدْرٌ، ويُـنْـمـي زَيْـفَـهـمْ تَـدعـيـم

مــلءَ الـقلوبِ الـحقدُ يَـدْفُقُ هـادراً
وعـلى الـشِّفاهِ الـباسماتِ سُـمُوم

مــوتـوا بـغـيـظٍ.. كـــلُّ مَـكـرٍ زائــلٌ
إنّــي بـمـا حَــذِرَ الـحـسودُ زَعـيـم!

*************************

عــفـواً ســعـادُ إذا تـنَـدَّتْ مُـقـلتي
وعَــرَا فُــؤادي مِــن نــواكِ سُـهـوم

ونَــكـأتُ بـالـبوحِ الـرَّحـيمِ فَـجـيعَتي
وكَــشَـفْـتُ جُــرحـاً غــالـهُ تَـعـتـيمُ

أنــا إنْ فـعـلتُ لأجــلِ أن نـحيَا مـعاً
وتَــتِـيـهَ بــالـحـبِّ الـطَّـهـورِ كـــرُوم

نُـسقى بـلا رِيٍّ عـلى نَخْبِ الهوى
كـــأسَ الـوصـالِ، مِـزاجُـهَا تَـسْـنِيم

ونَــذوبُ.. لا بـنـتُ الـكـرومِ سـلافةٌ
لا الـكـأسُ كــأسٌ، لا الـنديمُ نـديمُ!

الـحـبُّ عـنـدي يــا سـعـادُ شـريعةٌ
إِنـــي بِـــدونِ عــذابِـه.. مَــعـدومُ!!

محمد فاضلي 1989/02/21م

إرسال تعليق

 
Top