التمحور حول الذات
بقلم/ أمل محمد ياسر
سورية/دمشق
يقول سقراط "فقط عندما تعلم ..تعلم أنك لا تعلم"
فقط الأغبياء يعتقدون أن لديهم معرفة أو ما يسمى بوهم التفوق أما المتفوقين فدائما ما يشعرون بالنقص بالمستوى التعليمي والثقافي والإدراكي وهذا يكون سبب كثرة التفكير والبحث عن المعرفة المطلقة أو ربما تبني الكمال الغير موجود والذي لم يصل إليه أحد..أنا بالنسبة لي هؤلاء يعانون من عقدة النرجسية وتقدير الذات، وهي متلازمة عندهم تتغلب على عقليتهم الأطباع والانساق والتكرار بالأقوال والأفعال ،وغالباً ما نراهم في المجالس يتعالون بأصواتهم ويتهافتون بأحدايثهم ..همهم الأوحد هو التغلب بالنقاش وبالتالي اثبات ذواتهم واشباع رغباتهم وغليلهم فترتوي ارواحهم بعظيم جهرهم ولكن المشكلة تكمن عندما نتعمق معهم أكثر فنرى بأنهم يبنون بنيانهم بحب الشهرة والبروز والرياء ضمن شكليات ومظاهر حذر منها الشرع والتي تتنافى مع ما سار على نهجه السلف الصالح فيكره العاقل إن يبيع دينه لمثل هذا العرض الفاني والحطام القليل وذُكر بالحديث الشريف عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أول الناس يُقضى يوم القيامةعليه رجلٌ تعلَّم العلم وعلَّمه وقرأ القرآن فأتي به فعرَّفه نعمَه فعرفها، قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل ثم أمر به فسُحبَ على وجهه حتى ألقي في النار" .
وحب الشهرة والرياء بها لا تكن فقط للفنانين وإنما هي تلتف بأعناق الصالحين أمثال من يلبسون التقوى والزهد ولباس العلم والورع وما أكثرهم بهذه الأيام.
وأما من طلب الترؤس لمصلحة عامة وهو يعلم بأنه زخُر لذلك وكان طلبهُ ليس للتشهير والتباهي والتفاخر وذيوع الصيت فهذا حسنٌ محمود وقد ذكُر ذلك بالقرأن الكريم فقد قال يوسف عليه السلام للملك"اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظٌ عليم".
وأما من خرج قلبه من الألقاب وكانت نيته خالصة لوجه الله عافاه الله من ذلك ومع ذلك يجب على كل شخص أن يتفقد قلبه ويُراقب شعوره ويتنبه إلى هذه النقطة لأنها معصية خفية لا يتنبه لها المرء بين متطلبات الحياة وأنها معصية غير واضحة وخفية يضطر المرء إن يراقب ذاته ليعلم أين هو ويذكر نفسه بأنه تحت رحمة الله وكل أعماله لوجهه الكريم.
خلاصة طلب العلم هو واجب شرعي. وعدم التحجر بالمعرفة والإنسيابية هو من ضرورات الحياة وإثبات الذات ضمن سياقات تتناسب مع الدين والدنيا هو عمل محمود، أما من تلاسن وفاقم من نفسه فكان أول من تُسّعر به جهنم فهم حطبها الأول والجزاء من جنس العمل.
إرسال تعليق