الضرب فى الميت
بقلم رشاد الدهشورى
إستيقظ شعيب المصرى من نومه..فتح عينيه الضيقتين غير مصدق..فرك كفيه. دعك عينيه جيدا ليتأكد أنه ليس فى حلم ها هومضجع فى ساعة القيلولة تحت شجرة الكافور العتيقة التى يستظل بها من قيظ الشمس.
حملق جيدا فتأكد أن أمامه حمارا حقيقيا وليس شيطانا أو ماردا اقترب,الحمار هزيل يتحرك بصعوبه. أجرب أكل الزباب خلف عينيه تحسس وجهه فى فرح,وضع زيل جلبابة فى فمه وظل يجرى فى عز الحر غير عابىء بالأشواك المبعثرة والكلس الذى أدمى قدميه.
أحضربعض كيزان الذرة الشاميه وراح الحمار يلتهمها فى نهم غير عادى .
دار شعيب فى القرية كلها ,,خبط على كل باب يسأل عن صاحب الحمار,ققال لة محمد رمضان خفير القريه:
- "يا راجل يا اهبل انت دة حمار اجرب لايشفع ولاينفع خسارة فية الاكل ,,
ظل يدور فى القرية والحمار فى يده والعيال يزفونه ويضحكون.
"سلاخ الحمير أهوه سلاخ الحمير أهوه"
قال الشيخ قطب الطيب وهو يرمقه بعينيه ضاحكا:
- اللى جبلك يخليلك يا شعيب ,,يحيى العظام وهى رميم ,,
قال صبرى خفير القريه :
- "داخلاص طلعوة معاش ,,دا حمار عدمان , وقالو لى أضربه طلقه بين ودانه لكن أنا إستخسرت الرصاصه فيه..الضرب فى الميت حرام,,
قال ابراهيم المزين حلاق القريه:
- "خده يا شعيب اهو ينفع عشوة للعيال..هاههههه..حلال عليك."
فرح شعيب المصرى فرحا شديدا.أ خيرا سيمتلك حمارا, سحبه فى يده نزل به الى الترعة وحك ما به من جرب حتى سالت دمائه, راح يغسله بالماء والملح ثم دهنه بزيت أحضره من وابور المياه ظل يفعل ذالك كل يوم حتى شفى الحمار تماما وتغير لونه وأصبح فى صحة البغال ,ركبه فرحا , دار به فى كل الغيطان ولف به فى كل الشوارع حتى يراه الناس ويعرفون انه اصبح صاحب املاك.
ولما رأه كامل الشيمى ناظر القرية صرخ فائلا :
- شعيب سرق حمار الوسيه ولازم اوديه فى ستين داهيه
قال الشيخ قطب الطيب :
- ياعينى ع العلبان ,صحيح الكحكه فى ايد اليتيم عجبه
تناثرت الأخبار وتواترت حتى وصلت الى مدير الوحدة البيطرية والجمعية الزراعية وتم استدعاء شيخ الخفراء واتسعت دائرة التحقيق:
س -- كلفتك الجمعية الزراعية والوحدة البيطرية باطلاق النار على الحمار لأنه مصاب يالجرب فماذا حدث؟
قال صبرى:
- الحمار كان شبه ميت.وانا قلت ده هيموت لوحده.
س. الأوامر بتقول اذا مرض حيوان فى الحكومه او وصل سن المعاش أو أصبح مقصرا فى أداء عمله يطلق علية الرصاص.؟
قال صبرى:
- انا ما نفزتش التعليمات وما المطلوب منى فعله الان ؟
قال مدير الوحدة الصحية حازما :
- اذهب فورا وخذ معك مجموعة من الخفراء اقتلوا الحمار ,نفذ الأمر ولو غلط يا صبرى .
ظل شيخ الخفراء يبحث عن شعيب المصرى حتى وجدوه نائما فى ظل شجرة الكافورالعتيقه فى طرف القريه, رفع شيخ الخفراء بندقيته فى وجهه صارخا :
- فين حمار الحكومه يا شعيب ؟
قفز شعيب مدهوشا ومرعوبا.
.فأردف شيخ الحفراء قائلا:
- عندى اوامر من الجمعيه والبيه المأمور بقتل الحمار.الحمار دة لازم يموت.دة حمار الحكومه ومتسجل بالدفاتر انه مات" .
قفز شعيب المصرى يجعر كالممسوس:
- تموتوا حمارى؟..ليه يا ضلاليه انت وهو,,
قال شيخ الخفراءساخرا:
- لآن الحمار أجرب وخطر ع الأمن العام والحكومه خايفه العدوى تملا البلد .
قبض شعيب فأسه بين يدية وهو يصرخ:
- ما اجرب إلا انت يا كلب الحكومة ,,
- اتلم يا شعيب , أحسن أقول عليك إرهابى وأوديك ورى الشمس.
وقف شعيب بينهم وبين الحمار مهددا متوعدا من يقترب من الحمار أويمس شعرة منه .
- اخزى الشيطان يا شعيب . ما توديش نفسك فى داهية..دى حكومة وما فيش حد يقف فى وش الحكومه يا بنى ,,
جاء الشيخ قطب الطيب يجرى ..إ حتضن شعيب وهو يلتقط أنفاسه قائلا :
- -شيخ الخفر عاوزيسرق حمارك يا غلبان الحمار دة حقك . انت اللى عالجته وراعيته , واللى يفرط فى حقه يفرط فى شرفه. إوعى شرفك يا غلبان ما تخفشى منهم .
تحفز شيخ الخفراء وأمسك الشيخ قطب الطيب من تلابيبه قائلا :
- انت يا شيخ زفت.ما حد عرفك عبيط ولا طيب.والله لو لم تبطل الهبل ده لاحبسك .
قفز الشيخ قطب الطيب من بين أيديهم يجرى ويهلل:
- عاوزين تسرقوا حمار الغلبان يا شياطين الحكومه ..إ وعى تبقى شيطان يا شعيب ..اللى يسيب حقه يبقى شيطان.
قبض شعيب على الفأس بكلتا يديه بقوه..وقف بينهم وبين الحمار .
زعق شيخ الخفراء وهو يشد أجزاء البندقيه قائلا :
- شعيب إحنا هناخد الحمار يعنى هناخد الحمار غصبن عنك وعلشان تكون مستريح إحنا مش هنموتة لأنه خساره ,,إ حنا هنسدد فى الدفاتر إنه مات .
رفع شعيب فأسة فى غل وحشى وإستدار ناحية الحمار وهوى بفأسة على رأس الحمار بضربات سريعه وقوية ..
إرتعب شيخ الخفراء وراح يعدو وشعيب يحدق فى الدماء التى أغرقت جلبابه ثم سقط مغشيا عليه وراح الشيخ قطب الطيب يتحسس نبضه.يصرخ:
- لاحول ولا قوة الا بالله شعيب راح يا ناس .
صرخ شيخ الخفراء :
- اطلبوا سيارة اسعاف .
جائت سيارة الشرطه .
اهالى القرية عدلوا شعيب ناحية القبلة ..جلس الشيخ قطب عند رأسة يلقنه الشهادتين..أ سبل عينية..إ لتف أهل القرية حوله يبكون.بينما إنطلقت سيارة الشرطه تحمل جثة الحمار مخلفة وراءها سحابة من الدخان والغبار.
...............رشاد الدهشورى
إرسال تعليق