جفاف مقيم ...
...
اللغز يسابق لغزه ..تعازيم اللحظة الجافة تروض العقول المبللة .. المدينة متخمة الأبواب لكنها تخبئ بابها السحري لمن استطاع السبيل . يقال والقول على أولائك المرجفون : أن المدينة أشاعت عقرها على المآذن عندما رغبت استبدال فستاتها الأبيض برداء مغري لنزوات سياح شاخوا على أقطاب الجليد فاستأذنوا من مملكة الشمس أن تشيد لهم قصرا على فخذ المدينة . وأن يدخلوا الصرح المهيب على تلتها الغابية . كما أنهم زعموا أن المدينة حين كانت ولادة كانت تشع من خصوبتها نبتات أعراق . استحالت بساتين غناء . ثم عجلت النوم الوريف لتلك المشاتل وهي تلاقح ترابها المريئ . حتى أن المقابر ههنا بقيت على عنفوانها تراود متعات الجليد القطبي . وفي أحيان كثيرة تجيئ الأعراق منتفخة الأوداج باحمرار تمرغ أنف التراب لكي يبوح بفصائل الدماء ويخلع الدهشة عن حرارته الفصلية .
المدينة وبعد عقرها . أصبحت مبعثرة الذاكرة تحصي قرونها بين لوعات الأسوار الطينية .
في آخر إحصاء لمرثياتها تتبادر الى عين الغراب . مقرات أحزاب غطست في أعماق مقابرها وتركت إشارة رمادية عن فحوى أطلال يتمها عطن التاريخ .
كما وأن جمعيات مدنية وقعت شهادات وفاتها منذ أن هاج الجراد برمله القامع للتنفس . لكن المدينة لم تنسى فيالق المناصب وهي تنصب فخاخ الزمن لمن يحرك سبابة الشهادة . المناصب طقوس أعياد وأعراس تضرب مؤخرة المدينة بسوط المزيد . المناصب وباء تفشى لكي يخضر خوف الأمن والجوع . المناصب زمن عضال يوسوس لذكورة الدود أن تحلم بخصيات الموت .
لا زالت المدينة معلقة بين جوانح سواحها الشيوخ المبهمين وهم يحاولون أطعام زمنها الجائع . وبين سكانها المحليين وهم يجيشون سخافات الدود الرمادي لكي يسرق مدينته المفخخة من فيالق المناصب الصلبة . بينما تظل تلك التلة المنزوعة الأحشاء خائفة من صوت الجراد الذي أسر الماء والهواء وترك لها غناء شواذ . وشوك رداء ..
محمد. محجوبي ..تلمسان / الجزائر 15/07/2018
إرسال تعليق