سنوات التيه :
قد طالَ بُعدُكِ عن عينَيَّ يادارُ
والأهلُ في كلّ تيهٍ بعدها حاروا
تلاقفتنا همومُ العمرِ تحرمنا
لذاذةَ العيشِ والأحلامُ تنهارُ
ننحو على الزّمنِ القاسي وعلّتُنا
في أمّةٍ شبَّ في أحضانها العارُ
اضرِبْ بسيفكَ هامَ القهرِ مُنتشياً
اضرب لَعَمرُكَ سيفُ الحقِّ بتّارُ
لمّا رآنا ذوو الأحقادِ خاويةً
صدورنا ما بها عزمٌ واصرارُ
تدافعوا يقسمون الغُنمَ بينهمُ
وأُشعلت في ربوعِ الأُمّة النارُ
يا موطنَ الشمس يا بغدادُ كيف مضتْ
أمجادنا حيثُ عزّ الأهلُ والجارُ
نهراكِ يا كوثرا فخرٍوقد جريا
لمّا شكتْ من شحيح الماءِ أنهارُ
وكم تهادى من الفيحاء زحفُ هدىً
فرُدَّ عن يعرُبٍ كيدٌ وأخطارُ
واليومَ تنزفُ من جرحِ الإباءِ دماً
فأين في الشّدّةِ الأهلون قد صاروا
وهْيَ التي قد رعت في الضّيقِ قاصدها
يلقى المهاجرَ بالتّرحابِ أنصارُ
وأين في اليمن المعطاءِ حكمتهُ
كأنَّ فيه رياحَ البؤسِ إعصارُ
هذي طرابلسُ يُدميني تَوَجّعُها
وما تبقّى لأهلِ الخُلفِ أعذارُ
عودوا لدوحتكم غنّاءَ تؤنسكم
خضراءَ زيّنها زهرٌ وأطيارُ
فكيف صارت ديارُ العُربِ قاحلةً
لم يبقَ من فوقها دارٌ وديّارُ
يا أمّةً قد تناءتْ عن عقيدتها
ما قام منها لدفعِ الظّلم أحرارُ
بالأمس ضاعت بفضل الخُلف أندلسٌ
والقدسُ صَيْدٌ وليلُ القدس أسرارُ
لا يُرجِعُ الحقَّ إلا فضلُ وَحدتنا
من بعدِ ما عقَّ خوّانٌ وسمسارُ
وسطوةُ الدّين يخشاها العدا فبها
يٰرَدُّ حقٌّ ومنها يُدركُ الثارُ
وليس يرقأُ دمعُ العينِ ما بقيتْ
أرضي تئنّ ودمعًُ العين مدرارُ
ولن ننامَ على ذُلٍّ فغضبتنا
تزلزلُ الأرض إنّ الدّهرَ دوّارُ
شاعر المعلمين العرب
حسن كنعان/ أبو بلال
إرسال تعليق