GuidePedia

0
بقلمي / الاديب والصحفي .
تحسين المعموري الموسوي .
قصة قصيرة: قلب طيّب
قالت الزوجة لزوجها: " أراك تهتمّ كثيرا بتلك القطّة وصغارها وتجهد نفسك وأنت تحمل لها الطعام والماء فلمَ تفعل هذا يا زوجي وهي ليست قطّتنا؟ لقد جاءت من الشّارع وأنجبت صغارها في بيتنا ولو كانت هذه القطّة في بيت آخر لرموها وصغارها في الشّارع ! "
قال الزوج لزوجته: " إنّي فطرت هكذا رحيما كريما إذ وجدت أمّي وأبي هكذا وأظنّ أنّ من المروءة أن تكرمي الضيف وان كان لا يرى وأن تساعدي كلّ ضعيف وإن جفا."
ردّت الزوجة على زوجها: " ولكنّي لهذا كارهة وإني سأصبر عليك حينا فإن لم ترم تلك القطّة وصغارها خارج بيتنا فلن أبقى معك وسوف أذهب إلى بيت أهلي وأصير لك خصما مبينا."
فقال الزوج: " ما جاء بهذه القطّة لبيتنا وما أنجبت صغارها عندنا إلّا لأنّها عرفت أنّنا كرماء لا يُضام الضيف عندنا وإنّها مسكينة ضعيفة فإذا رميناها في الشارع ماتت وصغارها من العطش والجوع وأنا لن أفعل هذا أبدا. شلّت يدي إن فعلت هذا."
فقاطعته الزوجة غاضبة: "سأمهلك عشرة أيّام فإن لم ترم تلك القطة وصغارها في الشارع فلن أظلّ لك زوجة وسأترك البيت وابق أنت مع تلك القطة وصغارها !"
فقال الزوج: " لقد وضعتني بين أمرين وإنّي لكليهما كاره، فأنا الكريم ابن الكرام والضيف عندي لا يهان. آتيه بما يشتهي وأكون له عبدا صاغرا. "
فقالت الزوجة:" أنا لا أبالي بما تقوله وكما قلت لك أمهلك عشرة أيام فإن لم تفعل ما طلبتُ منك سوف أغادر البيت."
وبعد أن سمع الزوج من زوجته إصرارها على مغادرة البيت غاضبة مخاصمة حزن كثيرا ثم دخل الغرفة التي كانت فيها القطّة وصغارها. نظر إليها وإلى صغارها بحزن وعيناه تفيضان بالدّموع، فهو ممزّق بين زوجته وإصرارها وبين قلبه المملوء رحمة وطيبة ومروءة ثمّ صرخ بأعلى صوته: " لا والله لن أفعل هذا. ما ذنب هذه القطّة المسكينة وصغارها؟ لقد التجأت إليّ !"
وفجأة تحرّكت القطة وصغارها ثم اقتربت من ذلك الرجل فداعبته فابتسم لجمال صغارها. وما زالت القطة وصغارها تلاعب الرجل وتداعبه وهو فرح بها حتّى سمع فجأة زوجته تناديه لتقول له لقد جاء صديقك، هيّا اخرج له. وكان صديق هذا الرجل طبيبا بيطريّا. خرج له وصافحه ولكنّ الطبيب البيطريّ شعر بحزن صاحبه فسأله عن سبب حزنه فقصّ عليه ما وقع بينه وبين زوجته فقال الطبيب البيطريّ: " يا لها من مشكلة ! فأنا أعرفك يا صاحبي وأعرف أنّ قلبك رقيق وطيّب ورحيم وأعرف زوجتك فهي لا تتراجع عن قراراتها." فقال الزوج لصاحبه: " تعال يا دكتور وانظر إلى براءة تلك القطة وصغارها. إنها مسكينة."
قال الدكتور: "هيّا بنا إليها."
وحين رأى الدكتور تلك القطّة وصغارها صرخ بأعلى صوته مبتهجا وقال: " إنّها قطّة نادرة وصغارها أيضا وهي لا تقدر بمال، يا لكم من محظوظين أنت وزوجتك !" ثم نادى الدكتور البيطري زوجة صاحبه وقال لها: "إنّك محظوظة بوجود هذه القطّة وصغارها في بيتكما واعلمي يا زوجة صاحبي أن هذه القطة من الفصائل النادرة التي يبحث عنها الجميع فلا يوجد في العالم كله إلا أربعة أو خمسة من نوعها فمبارك لكما وسوف تكونين وزوجك مشهورين وستصبحان أثرياء !!!" ففرحت الزوجة بعد ما سمعت هذا واعتذرت من زوجها فقبل اعتذارها وقال لها: " اعلمي يا زوجتي أنّ الرحمة تأتي لصاحبها بالخير الكثير."


إرسال تعليق

 
Top