طقس عبثي
ذات زمنٍ شاحب، تراني أستيقظ من نومٍ طويل، متعثراً بالنعاس، أفرك عينيَّ، لا أثرَ لطيف، أتطلّع إلى السماء، غيوم داكنة، أحدّق عبر النافذة، لا أرجوحة، لا قطعة حلوى. الصباح معتلّ بعزلة خانقة، أصحو على سعال أمّي التي هرستها الأيام، تربض قرب الباب، ترتجف من شدة البرد، أنزوي في ركن الغرفة، خيبة وغربة عن المكان والزمان؛ هكذا أنا، طفولة تتأرجح في غياهب المجهول رغم أنفي، أحاول أن أتسلّق ذاكرتي هرباً من فزع اللحظة، أبتسم هازئاً، لا شيء غير أب مسجّى دون ملامح. في تلك اللحظة، وقبل ذهابي إلى المدرسة، سقطتْ دمعة من عين أمّي، لم تكن دمعة، كانت طوفاناً من الوجع والانكسار, تحدّجني بنظرة محاطة بالغموض، تتلو أزمنة الفجيعة، تعتذر:
- لا وقودَ لدينا.
يخذلني الحياء، يلفّني الجزع والحرمان، كلّ شيء فقد ملامحه. أتساءل،
" هل خرجت من معطف الحماقة أم هي أقدارنا؟ ".
أشمّ عبق معلمي الأول، أعتذر لمدرستي الطينية، أحرق كتبي؛ لعلّ أمّي تحظى ببعض الدفء، أرقص فزعاً، أستنفر دموعي، أتشكّل طقساً عبثياً؛ فأهرب صوب اللاأين، علّني أجد ظلّي.
إرسال تعليق