مقطع من قصة مملكة الشحاتين بقلم عبد الجبار إدريس

تَكَسَّرَ القِدْرُ بما فيه من غلو,وتحملت كلُ أنواع العبيد أرواحها العائمة في الماء بنديمها,تصرخ في عنت وهي تُريح عمق أنفاسها بثريات الحسن المصطنع,لتُظهر على غرار طبعها للمتوارين خلسة تحت الثرى,حراشف زهدها وورعها الكذاب يتمصَّر أمام ناظريها,تلبس حلي البذخ عنوةً,وكأنها تُبجل نفسها للأنام بجلود خطاياها البائنة,وقد صنعت لنفسها تلموداً من عصي الدمع فتَبخر,ثم اجترت بأنوفها الأحزان صوراً إلى مرافئ الأيام صورة صورة...
- أنت فقير يا عزيزي "درويش" ولن تصير كما أرادوا...
- أرجوك أيها الدرويش مُدَّ يدك لله لا لسواه,أُتنْظُرْ لعنة الشيطان وهي تساق همساً بدون مساق,أتمشي خالفاً ذاتك خلفك في رجفة كعمدان المسيح المُشاهَدَة هناك...
- أمْ...!
- أم أستبق أنا الخمم النَّازل من رحم المعاناة,و أشكوا له و أكسوا غل فقرنا بغناه... آه آه
- إن لم تتحدث يا عزيزي فسأتحدث أنا أمامهم,و أخبرهم كَمْ مِنْ عَزِيزٍ أَرْخَصَ سِعْرَ نَفْسِهِ هناك...
- لا لا لا تتحدث,أرجوك كف عن ذلك,أرجوكم "إرحموا عزيز قوم سَّلْ..."
- ظل أمير متسمراً و جعبتيه تخلوا من نسيم ملطف بذكريات باردة,أمام عجرفة أبيه الطاغية تمسك هو الآخر برغبة تطويعه دون ملامة,فكما لو أن حدث الشحاتين يجرفه بعيدا عن منظر الأغبياء هناك.يسترزقون بعنوان رغبات الناس من الفقراء المساكين,والمملكة بجلها أصبحت فَضَّة غير رقيقة,لا تسعف المحاويج ليعيشوا فيها دون جزية أو ضريبة,لا يسمع لها إلا زعيق الملوك الهائجين,أو اعوجاج الولدان في شوارعها مغيبين عن سياسة الشحاتيين.
- "إيوا خليها على الله"...