GuidePedia

0
نظر الرجل العجوز لزوجته المسنة ، نظرته حوت آلاف الذكريات مرت كشريط فيديو أمام ناظريه، تذكر بداية اللقاء، كان يتجول بحديقة عامة ، لفتت نظره جالسة على أريكة تحيط بها الزهور ، منظر شاعرى رومانسي يلهب الحواس ويدغدغ المشاعر لهدوءالمكان المحاط بنسمات الهواءالطلق وبجوار غدير المياه الناثر سره بين العاشقين ، ببساطته وبرقته، كانت تتصفح كتاباً . بدايةً ، أسرته بجمالها وبعذوبتها وبعفويتها وبتواضعها ،وجمالها الفطرى الرائع ، دنا منها ، وببتطفل (غير ملحوظ ) دس عينه داخل الصفحه ، وجده ديوانا شعريا ، (شاعرة انت ؟ ) قالها ـ ببساطة شديدة وهو ينتظر ردها ، خلعت نظارتهاالطبية من على وجها، وابتسمت ابتسامه هادئة قائلة وهى تعتدل قى جلستها ( احب الشعر واحاول قرضه ) كان هذا مفتاح الحديث بينهما، سارع بسؤالها (مارأى شاعرتى بالشاعر نزار قبانى ؟ راق لها السؤال المباغت ، سارعت بقولها ( عيناك وتبغك وكحولك/ والقدح العاشر أعيانى ؛ وأنافى المقعد محترق ؛ نيران تأكل نيرانى ، أكمل لها ( أأقول أحبك ياقمرى ؟؟ سارعت بالرد بتكملة البيت الشعرى ( اه ِِ لو كان بإمكانى ) سارعت بالقول ( فأنا لا أملك فى الدنيا ) أكمل لها البيت الشعرى ( إلا عينيك ) أكملت هى قائلة ( وأحزانى) شجعته هذه البداية المبشرة ، نظر للمقعد ، فهمت ، وبسرعة وتلقائية ورعبة فى استكمال الحديث معه ، أفسحت له مكانا للجلوس بجوارها ، جلس، تناول (ديوان الشعر) رائعة انت آنستى ، مذ متى قرأت الشعر؟ أجابته ،، منذ سنين ، وراحا فى مناقشات ،بل قل : مناظرات ومساجلات شعرية مبهرة ، ما دريا إلا وقد خيم الظلام حولهما وهم جلوس على المقعد بين دواوين الشعر وبين أحلامهما ، ( تأخرت ولا بد لى من عودتى لمنزلنا ) قالتها له ، وهما يلملمان أنفسهما تأهبا للوقوف ، والذى يعقبه الافتراق، سارعها بقوله (تحد ثنا اليوم عن نزار قبانى ـــ فهل نتحدث غدا عن (الفرزدق ) ؟؟؟ ابتسمت ابتسامة رائعة قائلة ( غدا نسبح ببحار الفرزدق ) وبعد غد نتيه بصحراء ( ابو الطيب المتنبى )عاجلهاالقول ( وبعد غد والايام الاتيه كلها نجوب صحارى ووديان شعراء الجاهلية ) ضحكا ، تصافحا مصافحة العشاق، خلّصت يدها مي يده القابضة عليها برفق، اخذت طريقها خارج الحديقة ناظرة للوراء ، حيث خطواته المليئة شوقا للحاق بها واستكمال أعذب الاحاديث ، وكان هذا هو اللقاء الأول لهما ، أعقبته عشرات ومئات اللقاءات والتى انتهت بارتباطهما كزوجين بقمة السعادة، ومرت السنوات مسرعة ، وصلا لمرحلة الشيخوخة ، ولا يزال كل منهما يتذكر لحظات اللقاء الأول ، وخاصة وانهما كانا يجلسان (على ذات المقعد ) الذى شهد اللقاء الأول لحبهما الأفلاطونى الرائع !!
-------------------
ليالي احمد الأسعد/ فلسطين


إرسال تعليق

 
Top