GuidePedia

0
موسوعة شعراء العربية م5 ج1 بقلم - د فالح الحجية ابو الحسن الحصري هو أبو إسحاق وقيل ابو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري الضرير . ولد في حي الفهريين بمدينة القيروان سنة \420 هجرية – 1029 ميلادية و يتّصل نسبه بعقبة بن نافع الفهري مؤسس القيروان وفاتح شمال أفريقيا (تونس) . وكني ( الحصري ) نسبة إلى صناعة الحصر وقيل نسبة إلى مدينة (حصر ) الدارسة والتي كانت قرب من القيروان . قيل ولد ضريرا وعاش بالقيروان وتعلم العربية على شيوخ عصره فيها .والأرجح أنه فقد بصره في طفولته ولم يولد كفيفاً وكان فقده لبصره سبباً لولوعه بتقليد أبي العلاء المعري في شعره ورسائله حيث كان معاصرا له ومن الغريب أن يمتد تشابه الرجلين إلى تشابه الاحداث التي لقياها في زمنهما وفي مقتبل شبابه كانت فتنة بني هلال في القيروان والتي حدثت سنة\ 449 هجرية تلك الفتنة التي شتَّتت أهل القيروان حفاةً عراةً في الفيافي والوديان وشردتهم . وقد آلمته نكبة القيروان كبقيةِ شُعراءِ عَصْرِه, فقال ينْدُبُها بقصيدةٍ طويلةٍ هذه بعض الابيات منها: مَوتُ الكرامِ حياةٌ في مواطِنهمْ فَإن هُم اغتربُوا مَاتُوا وَمَا ماتوُا يا أهلَ ودّيَ لاَ والله ما انتكَثَتْ عنـدي عهودٌ ولا ضاقتْ مودّاتُ لِئن بَعد ثُم وحال البحرُ دونكُمُ لَـبينَ أرواحـِنَا في النَّوم زَوْراتُ ما نمت إلاّ لِكي ألقىَ خـيالكُمُ وأين مَنْ نازحِ الأوطـانِ نومـاتُ أصبحتُ في غُربتي لو لا مكاتِمتي. بكتني الأرضُ فيها والسماواتُ كَأنّني لم أذُقْ بالقيــروانِ جـنى ولم أقلْ هَا لأحبابي وَلاَ هَاتوُا ألاَ سَقى الله أرْضَ القـيروانِ حَيًا كـأنَّه عـبراتي المُستهـلاتُ وكان ابو الحسن الحصري أكثر براعة في الشّعر من ابن خالته ابن رشيق القيرواني وابن شرف القيرواني ، ولعلّ لآفة العمى التي أصيب بها دور في ذلك. لقد قضى الحصري نحو ثلاثين عاما من عمره في القيروان اي فترة الشباب كلها وبعد نكبة القيروان اضطرّ إلى الهجرة من وطنه كما فعل الشاعران أبناء بلده وهما ابن رشيق القيرواني وابن شرف القيرواني وقد رحلت بعدها أسرة الحصري إلى مدينة ( سبتة ) بالمغرب حيث بقي في ( سبتة ) زهاء عشر سنوات يدرس تجويد القران الكريم و علم القرآت . ثم هاجر إلى ( إشبيلية ) ملتمساً الحظوة والمكانة عند بني عباد وملكهم ( المعتمد بن عباد ) ثم تركها متجولا بين عواصم دويلات الطوائف الاندلسية وملوكها مبتدءا بمدينة ( دانية ) عند ما علا ( نجم ابن مجاهد العامري ) وسكن في كنفه . ثم ترك ( دانية ) إلى (سرقسطة) مجتذباً عطـف حاكمها (ابن هود ) وفيها اتصل بوزيره اليهودي ( ابن حسداي ) فأسبغ عليه نعمه واكرمه ووفّر له الحماية ثم قصد ( ابن صمادح ) صاحب ( المرية) ووجد عنده كل ترحيب وإكرام، ومكث عنده فترة من الزمن ثم رحل قاصداً ( ابن طاهر ) صاحب ( مرسية ) فعظمت مكانته عنده ومدحه بقصيدته الشهيرة ( ياليل الصب متى غده ) التي ذاعت شهرتها وطبقت الآفاق وتنافس المغنون في تلحينها والشعراء في معارضتها مطلعها : ياليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده. وكان الحصري مهتما بنظم الشعر وكتابته بمدح الملوك والامراء زهاء نصف قرن راغبا بما يدره عليه من خير من اعطياتهم وعيشته الهنية بينهم فقد كتب في مختلف أغراض الشعر حتى ترك أربعة دواوين شعرية . الا انه بالرغم من ذلك كله بقيت قصيدة ( ياليل الصب ) هي القصيدة الافضل والاسمى وهي الاسم الثاني لأبي الحسن الحصري واللفتة السانحة التي نفحته الخلود . ثم اتصل ببعض الملوك ومنهم المعتمد بن عباد وقيل بعث المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية إلى أبي العرب الزبيري خمسمائة دينار وأمره أن يتجهز بها ويتوجه إليه، وكان بجزيرة صقلية وهو من أهلها -وهو أبو العرب مصعب بن محمد بن أبي الفرات القرشي الزبيري الصقلي وبعث مثلها إلى أبي الحسن الحصري وهو بالقيروان، فكتب إليه أبو العرب: لا تعجبن لرأسي كيف شاب أسـىً واعجب لأسود عيني كيف لم يشب البحر للروم لا تجري السفين بـه إلا على غررٍ والبر لـلـعـرب وكتب إليه ابو الحسن الحصري: أمرتني بركوب البحـر أقـطـعـه غيري لك الخير فاخصصه بذا الراء ما أنت نوحٌ فتنجينـي سـفـينـتـه ولا المسيح أنا أمشي على الـمـاء ثم ذهب اليه ومدحه بعدد من القصائد ضمنها ديوانه ( المستحسن من الأشعار ) . فذاعت شهرته وشغل الناس بشعره ولفت أنظار طلاب العلم فتجمعوا حوله من كل حدب وصوب وتتلمذوا على يديه ونشروا أدبه وشعره . ثم هجر الاندلس وعاد الى المغرب وحط رحاله بمدينة ( طنجه ) ولما كان مقيماً بمدينة ( طنجة) أرسل غلامه إلى المعتمد بن عباد صاحب إشبيلية،وتسمى في بلاد الاندلس (حمص ) فأبطأ عنه، وبلغه أن المعتمد ما احتفل به فانشأ هذه الابيات : نبت الركب الهجوعا ولم الدهر الفجوعـا حمصٌ الجنة قالـت لغلامي لا رجوعـا رحم الله غـلامـي مات في الجنة جوعا توفي بمدينة ( طنجة ) ببلاد المغرب سنة ثمان وثمانين وأربعمائة للهجرة \ 488 هجرية .الموافق للعام \1095 ميلادية . من أشهر أعماله قصيدة ( يا ليل الصب) التي نظمها على بحرالخبب الذي يشتهر بكثرة الحركات والنغم المؤثر في النفس والاذن الموسيقية بنغماته العالية والتي تصلح للغناء فجاءت قصيدته رائعة من روائع الشعرالعربي وهي التي ظل الشعراء العرب يحاولون النسج على منوالها الى يومنا هذا فيما يسمى بالمعارضات الشعرية ومن معارضيها الشاعر احمد شوقي في قصيدته التي مطلعها : مضناك جفاه مرقده بكاه ورحم عوده وقد عارضتها ايضا في قصيدتي : جمالك العذال تحسده ويفتن القلب تورده الحصري علم من اعلام العلماء والادباء التونسيين ويعبر أجمل تعبير عن خصو صية المدرسة الأدبية التونسية والمغاربية المتميزة بالبحث عن النادر والبديع لاثراء الموروث العربي والإنساني. وقد ترك لنا ثروة شعرية تضمنتها دواوينه التالية : 1- ديوان المستحسن الأشعار وهو فيما قاله في المعتمد بن عباد 2- ديوان المعشرات وهو شعره الفنِّي في الغزل والنسيب منظم على الحروف الهجائية يبتدئ كل بيت فيه بالحرف الذي يقفَّى به. منه هذه الابيات : قَليلٌ لِنَفسي أَن تَصوبُ صَبابَةً إِذا شِمتُ مِن تِلقاءِ أَرضِكُم بَرقا



إرسال تعليق

 
Top