حشرت جسدها الضئيل بين الركاب ..أناس .متباينو الأعمار والأجناس والمشارب
وجدوا لهم في مقاعد الحافلة المتجهة إلى وجهتها موطئا لهم ..هي وحدها تنتظر
بلهفة أن تجد لها كرسيا شاغرا تحط جسدها عليه ، ويرحم وقفتها التي طالت
دونما بارقة أمل تلوح لها ..تتجه كلما رأت احد الكراسي وقد بدا خاليا من
صاحبه تسابق نفسها والزمن عساها تظفر به إلا أنها في كل مرة تجد احدهم وقد
سبقها إليه ..مرات عديدة فعلت ذلك , _ اهو حظي العاثر الذي يلاحقني دوما كظلي كما لم يأتيني النصيب ؟ أسعى إليه فيتبدد أمامي ،أراه عيانا فيصبح سرابا .
صوت خفي ينسل من أعماقها ، يتصاعد في وتيرته فتتحسس وجهها ..تستعيد عبر
أزمنة مضت وجوه لطالما تمنت أن تتآلف معها ..تتحد ..تندغم .. يخلصونها من
وحدتها القاتلة لكنهم جميعا ذهبوا كسحابة ماطرة مرت بأرض لم تقيم بها أعادها من ذكرياتها صوت السائق وهو يعلن بصوته الجهوري عن وصوله للمحطة الأخيرة
إرسال تعليق