الأدب بين المثالية والواقعية !!
فى رحلته عبر القرون لم يكن الأدب يوماً متخلفاً وخطوة العصر .. بل كان على طول المسير متناغماً متلازماً لحراك الأيام، وآية ذلك التحولات التى طرأت على تعريفه ومفهومه .. لما مر بمراحل فكرية مختلفة،كان الأدب وهو يتحول إنما يلبى حاجة عصره .. لكن فى النهاية اهتدى الأدب فى الوقوف على ثنائية عرفته تعريفاً جامعاً.. حين انحصر فيها بين ( المثالية ، والواقعية ) وبينهما تفاوت فى الدرجات تقترب أحياناً من هذا أو ذاك .
فالأدب المثالى ـ كالفلسفة المثالية ـ يقول: إن المحسوس ليس محسوساً مطلقا،وليس الواقع هو الصورة الكاملة للمعانى الكامنة .. إذ أن هناك معانى وجودها غير مستفاد من هذا الواقع . ولا تستفاد بالتجربة،لأنها هى الأساس فى المعرفة.. فهناك عالم الخيال برموزه . وهناك عالم الأحلام بصوره غير المرئية . وهناك عالم المُثل،يجذب الأفكار والأعمال إليه . وهناك عالم الروح،يريد أن يُحلق فى أجواز الفضاء . وأول من قال بهذا وجعله مبدأ فلسفيا .. هو ( أفلاطون 428 ـ 348 ق . م ) وهو القائل بخلود النفس ، والتذكر ، ونظرية المُثل . فالفن عنده ليس هو الصورة الحسية ، التى تحدث فى النفس لذة حسية جمالية . وإنما الجمال الذى ينشده ، هو جمال الحق أو جمال الخير ، وكلاهما صورة من عالم المُثل ، ليس لهما واقع محسوس أو ملموس .
والأدب الواقعى: هو الشطر الثانى من ثنائية التعريف .. فهو الذى يعتبر المحسوس والواقع ، المنبع الأول والوحيد له ، ولا يعتد سوى بالمعرفة الآتية عن طريق الحواس والتجربة الذهنية . ومرجعه الإحساس والشعور العام المُستخلص من الواقع .. وأول من نادى بهذا الاتجاه ( أرسطو 384 ـ 322 ق.م ) واستمد منه الأدب الكثير من اتجاهاته .. وهو القائل ( الفن هو إظهار لشئ داخلى فى معرض خارجى ) فالفن عند أرسطو محاكاة للطبيعة ، وترتيب لفوضاها ، واستثارة عواطف وأحداث باطنة، بغية تطهير النفس من شهواتها .. عبر إثارة عاطفتى الخوف والشفقة بداخلها .
وتفرعت عبر العصور والتطورات الاجتماعية من تلكم الثنائية ( المثالية والواقعية ) تيارت فكرية فى الأدب كانت تقف قبل بزوغها على الخط الواصل بين ـ المثالية والواقعية ـ فظهرت مدارس الأدب الكلاسيكى ، والرومانسى ، والواقعى، والمدرسة الرمزية إلى غير ذلك من عديد مدارس الفكر الواقفة على طول الخط بين النقطتين المحوريتين .. المثالية والواقعية .
فالأدب عند الكلاسيكيين: قول ينبع من العقل،ويصب فى قواعد بنائية وأسلوبية،لا يحيد عنها .. وغايته ؛ الحقيقة ينشدها لذاتها . ودعامته ؛ المبادئ الخلقية المتوارثة .. وذلك لصدوره عن أدباء أرستقراطيين ، ولأنه موجه للطبقة الارستقراطية فى المجتع . هذا واعتبر الكلاسيكيون أدب (هوميروس 850 ـ ق.م )
و (هزيود 735 ـ ق.م ) و (ايسحولوس 525 ـ 457 ق.م ) و ( سوفوكليس 495 ـ 4.5 ق.م ) و ( يوربيدس 485 ـ 4.6 ق.م ) و ( ارستوفانيس 445 ـ 315 ق.م ) من اليونانيين .. وأدب ( بلوتس 254 ـ 184 ق.م )
و ( تيرانس 185 ـ 159 ق.م ) و ( هوراس 65 ـ 8 ق.م ) و ( سينيكا 4 ق.م ) من الرومانيين من عيون الأدب الكلاسيكى المتميز بجودة الصياغة اللغوية وبلاغة التعبير .
وسار على دربهم أدباء فرنسيون مثل ( راسين 1639 ـ 1699م ) و ( كورنى 1606 ـ 1684م ) و ( موليير 1622 ـ 1673م ) فأنشئوا أدبهم على غرار هذه الآداب القديمة .. فعدوا أيضاً من الكلاسيكيين .
والأدب عند الرومانسيين: قول ينبع من العاطفة والإيمان بالفرد ومشاعره ، ويتغنى بالوجدان . وسبيله الثورة على ما استقر فى المجتمع .. من عقائد سياسية أو دينية أو خلقية بالية . وغايته تغيير هذه الوضاع ، وتأكيد حرية الإنسان ، وحث الشعب على معارضة الاستبداد والظلم . والرومانسية أخذت شكلها النهائى فى فرنسا عند ( شاتوبريان 1768 ـ 1848م ) و ( لامارتين 1790 ـ 1869م ) و ( الفريد دى فينى 1797 ـ 1863م ) و ( الكسندر دوماس 1803 ـ 1870م ) .. أو ألمانيا عند ( شليجل 1767 ـ 1845م ) و ( هيلدرلن 1770 ـ 1883م ) و ( نوفالس 1772 ـ 1801م ) أو فى إنجلترا عند ( شكسبير 1564 ـ 1616م ) و ( شاترتون 1752 ـ 1770م ) و ( سكوت 1771 ـ 1832م ) وغيرهم .
والأدب عند الواقعيين: فهو ـ بكلتا شعبتيه الغربية التشاؤمية والشرقية التفاؤلية،القول الذى يستهدف هدفا اجتماعيا يلامس حياة الناس وآلامهم .. فهو معنى بالواقع الاجتماعى،بما فيه من خير أو شر،فضيلة أو رذيلة . وهذا اللون من الأدب نجده عند جميع الأدباء الروس ..حتى قبل ( الثورة البلشيفية ) ثورة أكتوبر 1917م وهو ينزع ناحية روح المثابرة والتطلع إلى الأمام والكفاح ضد الظلم والطغيان .. نجده عند ( جوجول 1809 ـ 1852م ) و ( تورجنيف 1818 ـ 1883م ) و ( ديستويفسكى 1821 ـ 1881م ) و ( تولستوى 1828 ـ 1910م ) و ( تشيكوف 1860 ـ 1904م ) و ( مكسيم جورجى 1868 ـ 1936م ) وغيرهم قبل الثورة وبعدها ..
من هنا نصل فيما ذكرنا إلى أن الأدب ما كان للتسلية ولا للتسرية عن النفس فحسب،إنما هو فنٌ حوى خلاصة حيلة الإنسان فى إيجاد المناسب من الحلول لمعضلاته التى يواجه .
فى رحلته عبر القرون لم يكن الأدب يوماً متخلفاً وخطوة العصر .. بل كان على طول المسير متناغماً متلازماً لحراك الأيام، وآية ذلك التحولات التى طرأت على تعريفه ومفهومه .. لما مر بمراحل فكرية مختلفة،كان الأدب وهو يتحول إنما يلبى حاجة عصره .. لكن فى النهاية اهتدى الأدب فى الوقوف على ثنائية عرفته تعريفاً جامعاً.. حين انحصر فيها بين ( المثالية ، والواقعية ) وبينهما تفاوت فى الدرجات تقترب أحياناً من هذا أو ذاك .
فالأدب المثالى ـ كالفلسفة المثالية ـ يقول: إن المحسوس ليس محسوساً مطلقا،وليس الواقع هو الصورة الكاملة للمعانى الكامنة .. إذ أن هناك معانى وجودها غير مستفاد من هذا الواقع . ولا تستفاد بالتجربة،لأنها هى الأساس فى المعرفة.. فهناك عالم الخيال برموزه . وهناك عالم الأحلام بصوره غير المرئية . وهناك عالم المُثل،يجذب الأفكار والأعمال إليه . وهناك عالم الروح،يريد أن يُحلق فى أجواز الفضاء . وأول من قال بهذا وجعله مبدأ فلسفيا .. هو ( أفلاطون 428 ـ 348 ق . م ) وهو القائل بخلود النفس ، والتذكر ، ونظرية المُثل . فالفن عنده ليس هو الصورة الحسية ، التى تحدث فى النفس لذة حسية جمالية . وإنما الجمال الذى ينشده ، هو جمال الحق أو جمال الخير ، وكلاهما صورة من عالم المُثل ، ليس لهما واقع محسوس أو ملموس .
والأدب الواقعى: هو الشطر الثانى من ثنائية التعريف .. فهو الذى يعتبر المحسوس والواقع ، المنبع الأول والوحيد له ، ولا يعتد سوى بالمعرفة الآتية عن طريق الحواس والتجربة الذهنية . ومرجعه الإحساس والشعور العام المُستخلص من الواقع .. وأول من نادى بهذا الاتجاه ( أرسطو 384 ـ 322 ق.م ) واستمد منه الأدب الكثير من اتجاهاته .. وهو القائل ( الفن هو إظهار لشئ داخلى فى معرض خارجى ) فالفن عند أرسطو محاكاة للطبيعة ، وترتيب لفوضاها ، واستثارة عواطف وأحداث باطنة، بغية تطهير النفس من شهواتها .. عبر إثارة عاطفتى الخوف والشفقة بداخلها .
وتفرعت عبر العصور والتطورات الاجتماعية من تلكم الثنائية ( المثالية والواقعية ) تيارت فكرية فى الأدب كانت تقف قبل بزوغها على الخط الواصل بين ـ المثالية والواقعية ـ فظهرت مدارس الأدب الكلاسيكى ، والرومانسى ، والواقعى، والمدرسة الرمزية إلى غير ذلك من عديد مدارس الفكر الواقفة على طول الخط بين النقطتين المحوريتين .. المثالية والواقعية .
فالأدب عند الكلاسيكيين: قول ينبع من العقل،ويصب فى قواعد بنائية وأسلوبية،لا يحيد عنها .. وغايته ؛ الحقيقة ينشدها لذاتها . ودعامته ؛ المبادئ الخلقية المتوارثة .. وذلك لصدوره عن أدباء أرستقراطيين ، ولأنه موجه للطبقة الارستقراطية فى المجتع . هذا واعتبر الكلاسيكيون أدب (هوميروس 850 ـ ق.م )
و (هزيود 735 ـ ق.م ) و (ايسحولوس 525 ـ 457 ق.م ) و ( سوفوكليس 495 ـ 4.5 ق.م ) و ( يوربيدس 485 ـ 4.6 ق.م ) و ( ارستوفانيس 445 ـ 315 ق.م ) من اليونانيين .. وأدب ( بلوتس 254 ـ 184 ق.م )
و ( تيرانس 185 ـ 159 ق.م ) و ( هوراس 65 ـ 8 ق.م ) و ( سينيكا 4 ق.م ) من الرومانيين من عيون الأدب الكلاسيكى المتميز بجودة الصياغة اللغوية وبلاغة التعبير .
وسار على دربهم أدباء فرنسيون مثل ( راسين 1639 ـ 1699م ) و ( كورنى 1606 ـ 1684م ) و ( موليير 1622 ـ 1673م ) فأنشئوا أدبهم على غرار هذه الآداب القديمة .. فعدوا أيضاً من الكلاسيكيين .
والأدب عند الرومانسيين: قول ينبع من العاطفة والإيمان بالفرد ومشاعره ، ويتغنى بالوجدان . وسبيله الثورة على ما استقر فى المجتمع .. من عقائد سياسية أو دينية أو خلقية بالية . وغايته تغيير هذه الوضاع ، وتأكيد حرية الإنسان ، وحث الشعب على معارضة الاستبداد والظلم . والرومانسية أخذت شكلها النهائى فى فرنسا عند ( شاتوبريان 1768 ـ 1848م ) و ( لامارتين 1790 ـ 1869م ) و ( الفريد دى فينى 1797 ـ 1863م ) و ( الكسندر دوماس 1803 ـ 1870م ) .. أو ألمانيا عند ( شليجل 1767 ـ 1845م ) و ( هيلدرلن 1770 ـ 1883م ) و ( نوفالس 1772 ـ 1801م ) أو فى إنجلترا عند ( شكسبير 1564 ـ 1616م ) و ( شاترتون 1752 ـ 1770م ) و ( سكوت 1771 ـ 1832م ) وغيرهم .
والأدب عند الواقعيين: فهو ـ بكلتا شعبتيه الغربية التشاؤمية والشرقية التفاؤلية،القول الذى يستهدف هدفا اجتماعيا يلامس حياة الناس وآلامهم .. فهو معنى بالواقع الاجتماعى،بما فيه من خير أو شر،فضيلة أو رذيلة . وهذا اللون من الأدب نجده عند جميع الأدباء الروس ..حتى قبل ( الثورة البلشيفية ) ثورة أكتوبر 1917م وهو ينزع ناحية روح المثابرة والتطلع إلى الأمام والكفاح ضد الظلم والطغيان .. نجده عند ( جوجول 1809 ـ 1852م ) و ( تورجنيف 1818 ـ 1883م ) و ( ديستويفسكى 1821 ـ 1881م ) و ( تولستوى 1828 ـ 1910م ) و ( تشيكوف 1860 ـ 1904م ) و ( مكسيم جورجى 1868 ـ 1936م ) وغيرهم قبل الثورة وبعدها ..
من هنا نصل فيما ذكرنا إلى أن الأدب ما كان للتسلية ولا للتسرية عن النفس فحسب،إنما هو فنٌ حوى خلاصة حيلة الإنسان فى إيجاد المناسب من الحلول لمعضلاته التى يواجه .
إرسال تعليق