أنا أراه
بقلم عفاف على
صرخات متتالية دون توقف ؛ يصدر من تلك الغرفة ،تخرج الممرضات فى حالة من الخوف، يندهش الأطباء من تلك المريضة ،هى لا تتوقف عن الصراخ والبكاء ،تردد جملة واحدة فقط أنا أراه يا أمى !!ياأمى .
يغلبنى الفضول اتسلل بهدوء لغرفتها لكى أراها فتاة يافعة طويلة متناسقة القوام سمراء البشرة جميلة الملامح أجمل ما فيها تلك الخصلة التى على عينيها يتهادى شعرها عندما تصرخ ،هى لا تهدأ أو تنام ،نظرت لى وتمتمت بكلمات جعلتنى ارتجف ،هل هى مجنونة؟! أو عليها جان!!! ،مابها ،ولماذا يكبلوها بالقيود،وقفت أمامها وهى تصرخ. بهدوء لمست شعرها الذى يشبه ملمسه الحرير ،داعبت خدها بيدى نظرة لى وقالت : أنا أراه .
كان من الطبيعى أن أهرب فى تلك اللحظة ،من الذى تراه ! تراجعت للخلف قليلا ثم قلت: لها وأنا أيضا أراه ،لقد ابتسمت يالروعة ابتسامتها وجمالها توقفت عن الصراخ وجلست فى هدوء تنظر لى ثم تنظر للحائط وتبتسم فقلت لها أنت رائعة الجمال لك عيون واسعة مااسمك؟! بخجل قالت :اسمى قمر وأنا اشبهه ولى عيون مثل عيونه حتى لوني مثل لونه نحن اثنان ولن نفترق سنكبر معا ونتزوج معا ،ألم تنظري له؟!
أردت الهروب من الموقف المحرج هذا ،قلت لها نعم قمر أراه لكنني خجولة ؛ هنا بدون مقدمات ضحكت بصوت هز غرفتها وقالت: هى خجولة هى خجولة مثلك ،وتوقفت ثم نظرت لى وقالت لا ترحلى ابقى هنا معه خاطبيه أريد أن أنام وهو يخاف من الوحدة ،وأغلقت عينيها ونامت كطفلة نائمة فى حضن والداها ، شعرت بالخوف من ذلك الشخص وما نوعه ؟ هل هو من الأنس أم من الجن؟! واقشعر جسدى هنا انفتح الباب فجأة فصرخت بصوت عالى يا الله يارحيم أنقذنا يارب ،
لقد كان طبيبها ابتسم لى وقال: مابك ؟ ارتعش جسدى من الخوف
فهدأت حالى قليلا فقال لى : كيف جعلتيها تنام ؟ هل أنت أختها ؟ لم أجبه وخرجت، فجاء خلفي وقال : أعرف قصة أختك فلا تخافى ،هنا لعب الفضول دوره معى وقلت له : كيف عرفتها هى لم تخبر أحد ابتسم وقال: نعم ولكنها فى بعض الأحيان تهزى ما استنتجته من أختك وكلامها أنها كانت شديدة التعلق بأخيكما وأنهما تؤم وروحهما متقاربة هى تشعر بوجعه وتشعر بألمه وهو كذلك أيضا . فقلت له نعم صدقت فعاد لحواره معى تعرفى هى تراه فى كل مكان أمامها لأن عقلها يرفض تصديق خبر استشهاده فى الحرب فقد كانت فى البداية تخاطبه وتحاوره فاشتاقت لحضنه ودفء مشاعره لها فتصورت أنه يريد أن يحضنها والغريب هى لا تراه الإعلى سطح الماء ،عندما جاءت بها والدتك كانت ملابسها مبتلة وكانت قريبة من الموت فقد ألقت بنفسها فى الماء وظنت أنه يلعب معها كان علينا أن نواجهها بأنه قد مات حفاظا عليها تساقطت دموعي أمامه وقلت له مسكينة هى قال نعم وأنت أيضا،الغريب أنها لا تستجيب العلاج وفقدت الأمل فى الحياة ،وأظن أنها لن تتحمل أكثر من ذلك واتعجب كيف تراه ،هى فى بعض الأوقات تدير معه حوار تجعلك تصدقى أنه موجود بالفعل ربما كفيلة الأيام أن تجعلها تصدق ونظر لى بأعجاب وقال : ما اسمك ؟! أشعر أنى أعرفك فقلت له : نعم تعرفنى فأنا قمر مريضتك وأنت ترأنى كل يوم فى غرفة الكهرباء ......
إرسال تعليق