GuidePedia

0

علي البدر

عرض تحليلي نقدي للمجموعة ألقصصية " جرح الماء" للقاصة د.مريم الترك

بانسيابية رائعة، تتوغل الكاتبة ببراعة لأعماقنا بشاعريتها وقدرتها على توليف قاموسها اللغوي الذي استخدمته بذكاء فنراها تؤجج مشاعرنا عندما تأخذنا لهموم مجتمعها وهمومها باسلوب مدروس بعناية خلال حبكة plots اريد لها أن تشدنا وتمنحنا دفقات انفعالية تساهم في خلق انسجام متوازن بين مادة السرد theme وفهم المتلقي. وقد بدت بعض القصص كخواطر سريعة تسجل حدثاً عابراً لكنها حيكت ببراعة لتمتلك مسار القصة القصيرة. وسيلاحظ القاريء أن القصص تتوازى مع المسار الأخلاقي والتربوي الرصين وهي حادة في بعض مفاصلها لتعكس عمق الالتزام بالمضامين الأساسيةmain theme والفرعية subthemes والتي تلتقي مع بعضها لتشكل رافداً انسياباً يعكسعمق العاطفة الأنسانية moral passion. ومن هنا كان للطفولة مساحتها في قصص الكاتبة اضافة لبعض شرائح المجتمع بمختلفف تصانيفها.. ففي قصة ” لون رمادي” تظهر امكانية الكاتبة بجلاء بشدنا نحو مسار حوار ذاتي مع النفس monologue يعكس ميل الكاتبة وتعاطفها مع الشرائح البسيطة المسحوقة لدرجة تجعلنا نعيش وسط سيناريو رسم بعناية وتكثيف في المعنى، حيث تفاجؤنا النهاية باندماج بين الخيال والواقع عن طريق حوار لصديقين ” منذ توفي طفلها وهي تحدث نفسها.” . وفي قصة “القطار” يحصل القاريء على ومضة flash pointتكشف أنها داخل قطار مسرع وليست منتظرة وصوله “.. لم يبق الكثير على موعد وصول القطار الى محطة صور.” وهنا قد تكون في القطار أو في المحطة، لكنها سرعان ما تكشف ذلك ” راقبت الأشجار وهي تتراجع بسرعه الى الوراء..” ونجد هنا حوارها مع طفلها وهي بوعيها، لكن يبق التساؤل وارداً عن مصير الزوجين المتخاصمين داخل القطار حيث تبقى النهاية مفتوحة .. وتدور قصة “الخبر” عن الطفولة أيضاً عندما تدهس السيارة قطة طفلة تعلقت بها حيث يعلو صوت أمها ” ارتحنا من براغيثها” غير مبالية بمراعات مكانة تلك القطة عند الطفلة. ونلاحظ في ” جرح الماء” همومها المشتركة مع الاخرين حيث يلهب احساسها سائق التاكسي بقوله” رفعوا سعر البنزين هذا الاسبوع.” بينما يتبرم حارس المبنى ” لم يعطوني بقشيشاً منذ أيام.” و جارتها ” طردت من عملي منذ شهر ولم أجد عملاً الى الان.” لكننا نلاحظ انتقاداً غير مباشر لأزمة الكهرباء عندما قالت الخادمة ” في سيرلانكا لا تنقطع الكهرباء.” أي أن دولاً نعتبرها ضعيفة متخلفة أحسن منا بكثير.. وتصور لنا الكاتبة في قصة ” ازدواجية”، الأزدواجية التي يتعامل بها البعض من أجل مارب قد تكون دنيئة عندما حاول رئيس التحرير استدراجها لغاية في نفسه لكنها ألجمته وأوقفته عند حده . – تغيرت كثيراً. – مرت سنوات طويلة.. – أنت الان أجمل وأكثر نضجاً. – انه الوقت. وهنا احتد الحوار عندما بدا وكأنه يستفزها. – أنت كما كنت، امرأة برية عصية على التدجين. ولم يكن هذا بالكلام الهين الذي يمكن التساهل معه حيث رسمت على شفتيها ابتسامة مصطنعة وهمست قائلة. – يبدو أن الأمور اختلطت عليك، فنسيت أنني كنت صغيرة جداً على ألاعيب الكر والفر… حيث بدا وكأنه لم يسمعها.. وقد لوحظ أن القاصة ” مريم الترك” قد ابتعدت في بعض قصصها عن همومها الذاتية لتشارك الاخرين همومهم وتطلعاتهم. من هنا فقد كان مسرى القصص اجتماعياً تربوياً هادفاً، أخذنا لأبعاد “زمكانية” من حيث لاندري للبيت الذي يمنح الألتزام ولمحطة القطار، وللمقهى ووسط الشارع .. أجل حيث تكمن الهموم والمعاناة ..معاناتنا نحن.. حيث حملنا الألتزام وصدق العاطفة ونبل الأهداف.. وهذا ما تجلى واضحاً في مفاصل قصصها والذي يعكس بالضرورة مدى التصاق اللأديبة القاصة مريم الترك بمجتمعها والسعي لتعميق أهدافه السامية من خلال الكلمة الصادقة والأدب الرصين..

إرسال تعليق

 
Top