{{تغريـــــــدة الشــــــــعر العربي }} بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي

النيل ملهم الشعراء --------- !!
سمعت في شطك الجميل ما قالت الريح للنخيل
" محمود حسن اسماعيل "
من أي عهد في القرى تتدفق... وبأي كف في المدائن تغدق
ومن السماء نزلت أم فجرت... من عليا الجنان جداولا تترقرق
" أمير الشعراء أحمد شوقي "

نعم يظل النهر الخالد --- نهر النيل من أنهار الجنة الأربعة ---- !!
فالنيل و الفرات أشهر الأنهار قاطبة في الأرض و لم لا فالنيل --- وجه الحضارة المصرية أقدم الحضارات في العالم --------
حيث كان لنهر النيل تأثير عظيم على الحياة في مصر، منذ عهد القدماء المصريين،وخاصة فيما يتعلق بالزراعة والمعتقدات الدينية. واعتمدت الحضارة المصرية على نهر النيل في الطعام والانتقال، كما أن الممارسات الدينية كانت تعكس أهميته.

أجل يظل النيل – النهر العظيم – ملهم الشعراء و معلم الرقة و العذوبة و الفن و الجمال مع صفحات الطبيعة الخضراء الفيحاء و لم لا فهو نهر الجنة الذي ينساب عشقا حيث يتجمع علي ضفافه الناس و الطير و تنمو الأشجار و القمر يداعب حنين الليل مع مواويل الصبايا في تناغم يجمع شتات القلوب من الاوجاع مع حديث السمر و دقات الطرب التي تقدس حياة المصريين مع حكاية النهر الخالد الذي هو من انهار الجنة ---
فقد اعتدي الانسان عليه في عصرنا المعاصر اغتالوه في وضح النهار لوثوا ماءه و شوهوا وجهه غيروا سيماته حتي بات في خصومه مع المبدعين لم نعد نري ضفافه و شاطئه الجميل و مراكبه مع وقت الاصيل -----

لقد كتب عنه القدماء و المعاصرون و شرقوا و غربوا بل و أفاضوا في رسم ملامحه مع الحياة في لوحات فنية
بداية من هيرودوت مصر هبة النيل حتى احمد شوقى النيل نجاشي ، و حافظ إبراهيم و محمود حسن و صالح جودت أغنيات النيل و حسين السيد و غيرهم كثيرون --------
و قد أبدع أمير الشعراء أحمد شوقي في " النيل نجاشي " و التي تغنت بها نساء الحي و رجال الملاحة في غدواتهم ورواحهم ، ---- :
النيل نجاشى حليوة أسمر
عجب للونه دهب و مرمر
وفي "درة مصر" حيث أبدعت أم كلثوم مع رائعة الشاعر الكبير أحمد شوقي :

من أي عهد في القرى تتدفق... وبأي كف في المدائن تغدق
ومن السماء نزلت أم فجرت... من عليا الجنان جداولا تترقرق
و في قصيدة أخري بعنوان " النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ "
" يقول فيها أحمد شوقي :

النِّيلُ العَذْبُ هو الكوْثرْ والجنة ُ شاطئه الأخضرْ
ريَّانُ الصَّفحة ِ والمنظرْ ما أبهى الخلدَ وما أنضرْ !
البحرُ الفَيَّاضُ، القُدسُ الساقي الناسَ وما غرسوا
وهو المِنْوالُ لما لبِسوا والمُنْعِمُ بالقطنِ الأَنوَر
جعلَ الإحسانَ له شرعا لم يُخلِ الواديَ من مَرْعى
فتَرَى زرعا يَتلو زرعاً وهُنا يُجنى ، وهُنا يُبْذَر
جارٍ ويُرَى ليس بجارِ لأناة ٍ فيه ووقار
ينصبُّ كتلٍّ منهارِ ويضجُّ فتحسبه يزأر
حبشيُّ اللَّونِ كجيرته من منبعه وبحيرته
صَبَغَ الشَّطَّيْنِ بسُمْرَته لوناً كالمسكِ وكالعنبرِ

و هذا شاعر النيل حافظ ابراهيم فقد لقب بهذا لعشقه لنهر النيل كما انه و لد علي متن سفينة متن سفينة كانت راسية على نهر النيل أمام ديروط -----------
يقول شاعر النيل حافظ ابراهيم عن النيل و هو شاعره الأول :

نـظـرت للنيل فاهتزت جوانبه
يـجـري على قدر في كل منحدر
كـأنـه ورجـال الـري تحرسه
قد كان يشكو ضياعا مذ جرى طلِقا
وفـاض بـالخير في سهل ووديان
لـم يجْفُ أرضا ، ولم يعمد لطغيان
مُـمـلـك سـار في جند وأعوان
حـتـى أقـمـت له خزان أسوان

و لكننا نتوقف مع رائعة شاعر الكوخ و الريف محمود حسن اسماعيل صاحب ملحمة " النهر الخالد " حيث يصور صفحاته مع الانسان و تاريخه و تراثة و مدي الهامه للمبدع فيقول عن النيل :

النيل
____

مسافر زاده الخيال ____ و السحر و العطر و الظلال
ظمأن و الكأس فى يديه ____ و الحب و الفن و الجمال
شابت على ارضه الليالى ____ و ضيعت عمرها الجبال
و لم يزل يطلب الديار
و يسأل الليل و النهار
و الناس من حوله سكارى ____ هاموا على افقه الرحيب
اه على سرك الرهيب ____ و موجك التائه الغريب
يا نيل يا ساحر الغيوب
****
متوج انت فى الروابى ____ بلا عروش ولا قباب
كم راحت الشمس فى ضحاها ____ تعب من نورك المذاب
و انجم الليل كم طواها ____ هواك فى خيمة العباب
و كم قوى اليك سارا
بموكب ايقظ الصحارى
رددت ركبانه حيارى ____ و انت فى مهدك الرطيب
اه على حلمك العجيب ____ و الموج نعسان فى المغيب
يا نيل يا ساحر الغيوب
****
سمعت فى شطك الجميل ____ ما قالت الريح للنخيل
يسبح الطير ام يغنى ____ و يشرح الحب للخميل
و اغصن تلك ام صبايا ____ شربن من خمرة الاصيل
و زورق بالحنين ثارا
ام هذه فرحة العذارى ؟
تجرى و تجرى هواك نارا ____ حملت من سحرها نصيبى
و طفت حيران باللهيب ____ فلم تدعنى بلا حبيب
يا نيل يا ساحر الغيوب
****
يا واهب الخلد للزمان ____ يا ساقى الشعر و الاغانى
هات اسقنى. و اسقنى . و دعنى ____ اهيم كالطير فى الجنان
ياليتنى موجة فاحكى ____ الى لياليك ما شجانى
و اغتدى للرياح جارا
و احمل النور للحيارى
فان كوانى الهوى و طار ____ كانت رياح الدجى طبيبى
****
اه على سرك الرهيب ____ و موجك التائه الغريب
يا نيل .. يا ساحر الغيوب ؛؛؛

بعد التأملات الشعرية التي نقشت علي ضفاف النيل منذ فجر التاريخ نتوقف مع احمد شوقي و حافظ ابراهيم شاعره و محمود حسن اسماعيل و صالح جودت نقدم أمشاج من شعرهم الخالد الذي يصور ملامح الشعب المصري منذ الحضارة القديمة وصولا الي مرافيء حياتنا المعاصرة و كيف تم اغتيال حياة نهر بتلويثه و تشويه جماليات منظره و جداوله التي تنساب عشقا مع روافده في الدلتا الخضراء فمتي نعود به الي الزمن الجميل فهو كان له حصانة و قداسة في النفوس ايمانا بدوره في صنع الحياة فهو من انهار الجنة كوثره العذب يحمل دلالات الخير و الفن و الابداع و من ثم يظل هو ملهم الشعراء و الفنانيين و الرسامين بين طمي هذا الوطن الحبيب مصر هبة النيل منحة من رب العالمين --------------
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله